لأكثر من أسبوع ظل مواطنو منطقة أبو كرشولا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بعد أن بددت الجبهة الثورية أحلامهم وقتلت براءة أطفالهم، بينما ظلت الوفود الحكومية والرسمية تتقاطر إلى المعسكرات وفداً تلو الآخر مقدمين المواد الغذائية والاحتياجات والمستلزمات، حيث سيرت شعبة تجار الأبيض أمس قافلة محملة بالمواد الغذائية والمياه للنازحين بالمعسكرات، وقال أحمد محمد خير الأمين العام للشعبة أن الواجب يحتم عليهم أن يقفوا صفاً واحداً مع أهلهم وذويهم واضعين يدهم مع أيديهم.. (الرأي العام) قامت بجولة داخل عدد من المعسكرات بمدينة الرهد وخرجت بمآسي ومشاهد من قمع الحدث . استهداف للوطن الشيخ آدم الخليل وزير الإرشاد والتوجيه بجنوب كردفان قال أن استهداف أبوكرشولا هو استهداف للوطن، وأظهر للعالم أجمع الوجه القبيح للحركة الشعبية من خلال الذبح والاغتيال والتشريد المواطنين من المنطقة فضلاً عن استهداف مؤسسات التنمية التي تخص المواطنين وتمثل لهم شريان الحياة، ويرى أن الرد على الحركة الشعبية لا يكون إلا باستئصال شأفتها حتى تشفى غليل المواطنين. المساعدات تتواصل ورغم الألم والتشرد الذي لحق بهذه المناطق إلا أنها أظهرت معدن وأصل إنسان كردفان وذلك من خلال ما وجده النازحون من حفاوة استقبال من أهلهم بالرهد والأبيض ببيوتهم ومدارسهم، ورسموا لوحة ذابت معها كل الحدود والفوارق بين ولايات السودان كلها إبان هذه الأحداث فأصبحوا يداً واحدة رمت بالخير والعون لإنسان الولاية مما برهن تدافع أهل السودان ووقوفهم صفاً واحداً . أم برمبيطة تصمد النور الطاهر النور أمير أمارة الحوازمة بمنطقة أم برمبيطة بجنوب كردفان قال إن الهجوم على المنطقة كان من الناحية الجنوبية وباستخدام أكثر من (35) دانة ، إلا أن القوات المسلحة كانت لهم بالمرصاد وتصدت لهم وشردتهم وتم إجلاء للأسر من المدينة إلى الأماكن الآمنة وسقط عدد من الجرحى كما قام المتمردون باقتحام سوق أم برمبيطة وعاثوا فساداً، مؤكداً أن الأسرى محجوزون بمنطقة خور (مليت) وقاموا بامدادهم بالماء والغذاء ومازالوا يحتاجون المزيد من المؤن الغذائية لقلة المواد التي ذهبت إليهم بجانب حوجتهم للخيام ومستلزمات الحياة الأخرى . إصابة الأطفال لم يسلم من الاعتداء وإطلاق النار حتى الأطفال، حيث قام المتمرودن بعد محاولتهم البائسة لاحتلالهم أم برمبيطة، وبعد أن تصدت لهم قواتنا المسلحة الباسلة أصبحوا يطلقون النار يمنة ويسرة بصورة عشوائية مما أدى لإصابة الطفل البرئ علاء الدين ذي الثلاثة أعوام بمنطقة الصباغ بالقرب من منطقة القردوب، حيث تم ضربه بالطائرة وأصيب في رجليه اليمنى واليسرى وتم اسعافه إلى مستشفى الأبيض لتلقي العلاج ووصف الأطباء حالته بأنها خطرة ... 70 كيلو سيراً الجميع ب(أبو كرشولا) سواسية كأسنان المشط، لا يفرق بينهم لون ولا لغة ولا جنس ولا قبيلة ولا حزب، الكل كان مستهدفا، فهذا مصعب موسى حامد أمين أمانة المؤتمر الوطني ومعه مجموعة كبيرة من الشباب، قطعوا مسافة (70) كيلو متراً سيراً على الأقدام مروراً بالغابة، ويواصل مصعب سارداً رحلتهم من أبوكرشولا ويقول : أثناء سيرنا استهدفنا المتمردون واحتسبنا نفر كريم هم إسماعيل محمد صالح و عيساوي عبد الله رحمهما الله ، قتلا بالسلاح ، أما أسرته فقال عنها : عثرت على والدتي وطفلتي الصغيرة داخل المعسكر ، أما شقيقتي الكبرى فكانت ب(أبو كرشولا) محتجزة واستطاعت أن تفلت منهم . الزحف أرضاً المريود ضوء البيت أحد سكان أبوكرشولا ويعمل حداداً حكى قصته وقال : كنا حوالي (40) شخصاً ومعنا أطفال، سمعنا دوي الدانات والرصاص، استنجدنا ولم نجد أحداً ، سرنا زحفاً على بطوننا تارة وعلى أرجلنا أخرى قاطعين مسافات طويلة ، وقال بأن أكثر من (13) طفلاً توفي منهم في منطقة الحدبة التي تقع في البان جديد وعرداية وأم كدي، وأضاف: ما زال هناك أطفال مفقودين حتى الآن ، وقال : معنا 10 أطفال يبحثون عن ذويهم وناشد كل من فقد طفلاً أن يحضر إلى المعسكر عسى ولعل أن يجده بيننا، وقطع المريود بأنهم لن يتركوا المنطقة حتى لو سقطت آخر قطرة دم منهم . السير على الأقدام حواء محمد أبكر لها (6) أطفال بجانب طفلتها الصغيرة ذات الستة أشهر ، ذكرت أنهم كانوا يسكنون بحي الوسيط بأبوكرشولا، وعندما بدأ الاعتداء وإطلاق النار هرولت هي وابناؤها سيراً على أقدامهم قاطعين مسافة (20) ساعة إلى أن وصلوا منطقة (كملا) جنوب جبل الداير، وقالت أنهم دخلوها حوالي الساعة الواحدة صباحاً ، وقالت والدموع تسيل من خديها : تركت خلفي أمي وأبي وأخواني ، وتابعت بعبرة حزينة ودامعة: لم أجدهم داخل المعسكر، ولم أعرف عنهم أي شيء.. تركتها ودموعها تتساقط . (25) طفل مفقود حواء محمد حمزة حكت قصتها المؤلمة من أبوكرشولا وحتى وصولها أرض المعسكرات بالرهد، وقالت: ظللت أنا وطفلي الرضيع ومعنا (25) طفل لا أعرفهم نسير لأكثر من (3) أيام في الخلاء، وتابعت : نسيت همومي وأصبحت أحمل هم هؤلاء الأطفال، وبعد جهد مضٍ وجبار وبفضل الله توصلت لأسر الأطفال بمنطقة المسلمية والحمد لله . إجهاض تحت السلاح أم بلينة عبد الرحمن تسكن بأبو كرشولا لأكثر من (30) عاماً، قالت كنا نعيش في أمن وأمان طيلة هذه السنين، اعتدى علينا المتمردون فأحالوا أيامنا إلى دمار وسواد وأضافت : كنت حامل في شهري الثالث، وعند سماعي لصوت الرصاص هرولت جرياً على قدميَّ، ونسبة للحمل لم أستطع أن أجري جيداً، وتقول : لم أجد نفسي إلا تحت أرجل المتمردين بعد أن هرولت لأكثر من (4) ساعات ، وبعد حدث لي الأجهاض .