الأسبوع الماضي شهد مسرح الأحداث بولاية جنوب دارفور، بداية فصل جديد من الصراع بين قبيلتي البني هلبة والهبانية، الأحداث التي كان قد بدأ احتواؤها عبر التمهيد لقيام مؤتمر صلح، أصاب جهود تلافيها تجدد الاحداث بصورة مزعجة، فقدت خلالها أرواح كثيرة من البشر والثروة الحيوانية، وأحرقت ديار وتشرد البعض. جهد حكومي وفي هذا السياق، طالب محمد العاجب اسماعيل عضو مجلس تشريعي جنوب دارفور، قبيلتي البني هلبة والقمر، بالتحلي بالصبر وتحكيم صوت العقل والاتجاه إلى التفاوض والحوار والتصالح، لأن الحرب والصراع لم تعالج القضايا، بجانب الالتزام بمقررات الأجاويد، وأشار إلى ان رئاسة المجلس التشريعي ونواب الدوائر بالمجلسين زاروا مواقع الأحداث للوقوف على الأوضاع والسعي لإنهاء الأزمة. وأبان العاجب أن الأحداث الأخيرة نتجت عن استقطاب حاد للطرفين مما أطال أمد التفاوض بشأن مؤتمر الصلح، وأكد أن الأوضاع تحت السيطرة بالمتابعة اللصيقة لحكومة الولاية، خاصة واليها الجديد الذي وصفه بأنه رجل من نوع خاص ويمكن ان يقنع الطرفين بالتوصل الى صلح دائم وبالعودة الى التفاوض والحوار. رؤية البني هلبة فيما كشف ابراهيم الرهيد عضو لجنة وقف العدائيات بين الطرفين ل (الرأي العام)، أن الصراع في بدايته كان نزاعا إداريا، يمكن حله في إطار محلي، لكن ما جرى بعد ذلك تحول إلى نزاع مسلح من قبيلة القمر، خاصة بعد توقيع وثيقة الصلح في أول مارس، ومن ثم توالت الأحداث الأخيرة في المناطق الجنوبيةالغربية، ووصف المسألة بأنها شرارة وانفجرت بالهجوم المتكرر على البني هلبة، وقال الرهيد إن مؤتمر الصلح لم يتم بعد تجدد الأحداث الأخيرة، مما أضطر الأطراف المشاركة للعودة الى مناطقهم للإسهام في وقف العدائيات، ونوه الرهيد إلى تسلمهم عددا من الشهداء والجرحى، واعتبر أن سبب تحول الصراع الى مسلح بدأتة قبيلة القمر بالهجوم على رعاة بقوه تقدر ب (300) شخص، وأكد أن البني هلبة حتى الآن لم تعتد وانما في موقف الدفاع عن النفس، وأشار الى التزامهم التام بتوجيهات حكومة الولاية بوقف العدائيات، وكشف عن تسمية مجموعة خماسية لتوقيع وثيقة لوقف العدائيات، إلا ان الطرف الآخر لم يسم مجموعته، وكشف عن مجموعات من المعارضة تندس مع قبيلة القمر مزودة بأسلحة ثقيلة بدعم من الخارج، وهذا ما أكدته حكومة جنوب دارفور في حديثها لطرفين، وأبان أن رأيهم واضح بالجلوس للصلح والسلام، إلا أنه قال: لكن سنقاتل المعارضة ونخرجها من ديارنا مهما كلفنا ذلك، ونحن قبل اليوم تمكنا من طرد المعارضة من بلادنا. وأكد تعاونهم مع الحكومة وتزويدها بالمعلومات. القمر يتحدثون من ناحيته، نفى عبد الرحمن حمدنا الله ممثل دائرة كتيلا، صحة مساندة المعارضة لقبيلة القمر، ووصفها بانها ادعاءات كاذبة، وقال ل (الرأي العام)، إن تاريخ القمر لم يسجل أي متمرد من أبنائها، واعتبر أن ما يجرى الآن عمل منظم لإبادة قبيلة القمر بمشاركة قوات أخرى ووصف اعتداء الأسبوع الماضي بالغاشم، ونوه لمعركة منطقة (أم جويقين) التي قال إنه استخدمت فيها كافه أنواع الأسلحة بجانب إخلاء قرية كرينك تماما، واعتبر ان العمل مخطط له، وأبدى استغرابه لعدم حدوث أي تدخل حكومي من القوات الموجودة قريبا من موقع الأحداث، واتهم حكومة الولاية بالوقوف موقف المتفرج على ما يحدث، واتهم قبائل بالتحالف مع البني هلبة لتقوية شوكتها ضد القمر، وأشار الى ان النزاع كان في منطقة (جقومه) التي تتبع وفقا لأوامر التأسيس الى محلية كتيلا استنادا على وثائق من دار الوثائق البريطانية والخرطوم تؤكد تبعية المنطقه اداريا للقمر منذ أكثر من خمسمائة عام، وقال: بعد جلوسنا الى التفاوض في مؤتمر الصلح، قدمنا رؤيتنا لحل النزاع بمستنداتنا، الا أن الطرف الآخر لم يات بأي مستند وسرعان ما فوجئنا بقضيه الحواكير، ومنها رفعوا شعار تحرير المنطقة. وطالب عبد الرحمن حمدنا الله، حكومتي الولاية والمركز بلعب دورهما الحقيقي وإنهاء الصراع، وأكد أن الأوضاع الأمنية والإنسانية التي شهدتها المنطقة تحتاج وقفة قوية وحسم التفلتات والتوصل الى حل يرضى الجميع، ونوه الى ان رئاسة المحلية استقبلت أعدادا كبيرة من النازحين، ونوه لزيارة واليي جنوب وشرق دارفور موقع الأحداث والتي وصفها بأنها الأولى من نوعها، واشار الى احتساب أكثر من ثلاثين شخصا في الأحداث وعدد من الجرحى. صراعات موجودة فيما اعتبر صديق عبد النبي حسن مستشار والي شرق دافور، أن الصراعات القبلية كانت موجودة سابقا، لكن ليست بهذه الوتيرة المتصاعدة، وكانت سابقا محدودة بين المجموعات الزراعية والرعوية، ويتم احتواؤها، ولكن بدخول التمرد في دارفور قسم أهل دافور إلى مجموعتين واحدة تساند التمرد وهي غير العربية والثانية موالية للحكومة وهي القبائل العربية، مما أحدث عدم الثقة بين المجموعات السكانية، وصنفت فيها القيادات بالجنجويد والتور بورا، وهذا بدوره أثر على الوضع في دارفور، خاصة عند حدوث خلاف حتى لو على مورد ماء أو غيره مما زاد من حدة التوترات بين القبائل. وطالب صديق قبيلتي البني هلبة والقمر بتحكيم صوت العقل وتفويت الفرصة على الذين يتاجرون بزرع الفتنة بين القبائل، خاصة وأن الطرفين تربطهما علاقات اجتماعية قوية والعمل على إعادة الثقة، وتجاوز الخلافات وخلق نسيج اجتماعي وتعايش سلمي حتى لا تتحول المنطقة الى بؤرة صراع مسلح ينهي العلاقات الاجتماعية بينهما. إذن، كل طرف يعتقد أن موقفه هو الصحيح، وأنه ليس المبادر للعنف، وهذه واحدة من إشكاليات وتعقيدات الصراع في دارفور، لكن يبقى أن المستفيد من هكذا صراعات هي الحركات المتمردة، وأعداء السلام الاجتماعي وتجار الحرب الذين لا يستطيعون العيش إلا في أجواء الفتنة، مما يتطلب جهدا حكوميا كبيرا، وجهدا إضافيا من رجالات الادارة الأهلية والحكماء لحسم مثل هذه التفلتات التي تنبئ بمستقبل قاتم للمنطقة.