يقود الرئيس عمر البشير يوم بعد غد الجمعة، وفد السودان المشارك في قمة السياج الأخضر التي ستلتئم بانجمينا بعد سلسلة من التأجيل يوم السبت المقبل، ويرافق الرئيس خلال هذه الزيارة التي تستغرق يومين عدد من الوزراء على رأسهم الفريق أول بكري حسن صالح وزير شؤون رئاسة الجمهورية وصلاح ونسي وزير الدولة بالخارجية اضافة الى الفريق أمن مهندس محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني. مشاركة الرئيس في القمة وزيارته لانجمينا - غض النظر عن أن القمة عادية وتنعقد في ظل جهود افريقية لمحاربة التصحر - إلا انها وفقا لمتابعين لملف العلاقات السودانية التشادية تأتي في توقيت مهم للدولتين، حيث يتوقع ان يعقد الرئيس البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي، قمة ثنائية تطمينية تتركز أجندتها على علاقات البلدين والمشتركات الثنائية للمصالح على خلفية التوترات التي حدثت مؤخرا في كلا البلدين، ففي الوقت الذي لا تزال تلقي فيه التداعيات الانسانية والسياسية وحتى العسكرية الأمنية للهجوم الغادر للجبهة الثورية على ولاية شمال كردفان، بظلالها على عموم الأوضاع في السودان، إضافة إلى أصداء مقتل السلطان كوال دينق مجوك سلطان دينكا نقوك، فان الحكومة التشادية هى الأخرى مازالت لم تستفق تماما بعد من صدمة المحاولة الانقلابية التي شهدتها انجمينا قبل أيام قلائل وتناقلتها وسائل الإعلام بكافة تصنيفاتها وتم إحباطها وتوقيف المشاركين فيها. وبرأي عدد من المراقبين لمسار العلاقات السودانية التشادية فإن أيد خفية كثيرة ظلت تسعى على الدوام لنسف استقرار الوضع، وهذا بالطبع يؤثر على المنطقة الاقليمية كلها. وقد شهدت الفترة الأخيرة استقرارا غير مسبوق في العلاقات، بعد ان أدركت القيادة السياسية في البلدين انه ليس من مصلحة لأي منهما ولا لشعبيهما في توتر العلاقات وتأزمها، خاصة اذا ما أخذنا في الحسبان التداخل القبلي وتقاطع المصالح. ويشير مراقبون الى أن الطرفين تلمسا في الفترة الأخيرة الطريق الصحيح للعلاقات بينهما، وأدركا ان أجزاء كانت مفقودة بدأت تتضح معالم أبعادها. ويقول أحد الخبراء الاستراتيجيين ل (الرأي العام)، إن تشاد تمثل عمقا استراتيجيا وأن المنطقة الحدودية بين البلدين تعد اكبر منطقة من حيث الحراك السكاني، وبالتالي - وفقا للخبير- فان اية تطورات تحدث في تشاد تنعكس تداعياتها على السودان والعكس صحيح وذلك لجهة عدم القدرة على مراقبة الحدود كافة بنفس المستوى، مما يجعل احتمالات الاختراقات ممكنة. ويرى د. مهدي دهب المحلل السياسي، ان وجود تنسيق أمني بين الخرطوم وانجمينا في ظل وجود المعطيات المتعلقة بالتداخل القبلي والحدود الممتدة يعد ضرورة قصوى يفرضها التداخل، ويشير مهدي ل (الرأي العام)، الى ان حراكا واحداث تنتظم حاليا كل منطقة الساحل الأفريقي ويشمل (اريتريا وتشاد والنيجر ومالي وموريتانيا والسنغال وقامبيا وبوركينافاسو)، وهنالك ايضا - بحسب د. مهدي- حراك آخر خلاف لحركات التمرد للجماعات المتطرفة، وان التخوف ينصب حول احتمالات انتقاله للساحل ، هذا الى جانب ان زيارة الرئيس عمر البشير تأتي متزامنة مع محاولة انقلاب عسكري في تشاد خلال الأيام الماضية، ويقول مهدي، إن البشير ربما قصد من الزيارة - خلافا للمشاركة في القمة- الوقوف بنفسه على التطورات في تشاد باعتبار ان أمن تشاد من أمن السودان وان أصابع الاتهام في أية محاولة انقلابية تحدث في تشاد دائما ما تمتد للسودان بحكم التداخل القبلي في أكثر من (14) قبيلة. هذا مع الأخذ في الاعتبار - بحسب خبراء في العلاقات السودانية التشادية - ان كل الحركات الانقلابية بما فيها نظام ديبي القائم الآن انطلقت من الحدود السودانية، وربما أراد البشير - وفقا للمراقبين- إضافة لرصد التطورات التأكيد على ان السودان ليست له أية علاقة بالأحداث وانه حريص على العلاقات الجيدة والمناخ الطيب الذي يسود علاقات البلدين، اضافة الى ان السودان ليس بحاجة في الوقت الراهن لفتح ملف أزمات جديدة. في ذات الوقت فقد شرعت الدبلوماسية السودانية في حراك مكثف لتحسين العلاقات مع دول الجوار وفي مقدمتها بالتاكيد تشاد، وذلك لضمان أمن الحدود. واتفق مع د. مهدي السفير الرشيد أبوشامة الذي اكد ل (الرأي العام)، ان السودان يسعى لتثبيت انه ليست له أية علاقة بما جرى داخل الحكومة التشادية، وذلك تفاديا لأي اتهام يصدر من تشاد، واعتبر أن الزيارة التي قام بها مدير جهاز الأمن والمخابرات في وقت سابق لانجمينا تصب في ذات تحقيق الهدف والقطع ? إذا ما كانت هنالك اية معلومات أن للسودان أيد فيما جرى- فإن السودان حريص جدا على العلاقات والروح الجديدة التي سادت مفاصل الأجهزة الثنائية التي تنشط للدفع بالعلاقات نحو المصالح المشتركة والحفاظ على التهدئة. على كل، الخرطوم وتشاد كل منهما في حاجة ماسة لاستمرار مناخ التهدئة والتعاون البناء على كافة الشريط الحدودي الذي يربط بينهما تفاديا لأية جبهة توترات جديدة تضاف الى الأعباء الأمنية الموجودة في البلدين على الأقل في الوقت الراهن.