هناك من الفلاسفة من ينكر علم الجمال جملةً وتفصيلاً، وهو أمر تلقيته أنا مستغرباً لأن هذا الموقف إذا كتب له ان يسود فإنه يدحض جهوداً كبيرة صبورة وعميقة وفائقة الذكاء والقدرة على الغوص في أعقد قضايا الفكر الإنساني.. من هؤلاء الفلاسفة فيلسوف ذائع الشهرة غزير الإنتاج الفكري هو «سانتايانا» في مقدمة الذين أنكروا علم الجمال، وليس هذا فقط بل إنه رفض إدخال فلسفة الفن ضمن فروع الفلسفة الأخرى على العكس تماماً كما فعل فيسلوف شهير آخر هو «كروتشة» قال سانتايانا: - إنني لا أسلم في الفلسفة بوجود فرع خاص يمكن ان نسميه باسم «فلسفة الجمال» فإن ما اصطلحنا في العادة على تسميته باسم فلسفة «الفن» لهو فيما يبدو لي - مجرد دراسة لفظية مثلها في ذلك مثل فلسفة التاريخ سواء بسواء. ويعود سانتايانا الى هذا المعنى في حديثه عن «فلسفة الجمال» بأحد كتبه فيقول: إن لفظ «استطيقا» ليس إلا مجرد لفظ مائع استخدم حديثاً في الأوساط الجامعية للإشارة الى كل ما يمس الأعمال الفنية والإحساس بالجمال، وحجة سانتايانا في هذا الرفض ان فلسفة الجمال لا تخرج عن كونها مجموعة من الدراسات المختلطة التي عملت على إيجادها بعض الظروف التاريخية والأدبية. هذا الى أن ما اعتدنا تسميته باسم «الخبرة الجمالية» لا يمثل خبرة مستقلة قائمة بذاتها، بل نحن بإزاء خبرة شائعة في الحياة بأسرها، لعل هذا هو السبب في أن الظاهرة الجمالية قد بقيت موضوعاً مشتركاً يتناوله بالبحث كل من الفيلسوف وعالم النفس ومؤرخ الفن والناقد الأدبي، ويعلق فيلسوف آخر بقوله: إننا لن نكترث كثيراً برفض سانتايانا لكلمة «استطيقا»، فإننا لو تصفحنا ما كتبه فيلسوفنا هذا تحت عنوان: «الإحساس بالجمال» و«العقل في الفن» لوجدنا أنفسنا بإزاء فلسفة جمالية بالمعنى المفهوم عادة من هذه الكلمة. ونراه يتخذ في «العقل في الفن» وجهة نظر الفيلسوف الأخلاقي الذي يهتم بتحديد وظيفة الفن في الحياة الإنسانية عموماً.