لولا التضارب الذي حدث بين الاذاعة والتلفزيون بشأن من يمثل السودان في مهرجان الاغنية العربية، لما شعر أحد بهذا المهرجان الذي يقام سنويا بتونس.. والذي تجري تحضيراته في خواتيم هذا الشهر، ففي كل عام لايتعدى صدى المشاركة فيه ان يكون خبرا فنيا في زوايا احدى الصفحات ثم يكبر هذا الصدى حينما يحصد السودان جائزة ما. ولكن هذا العام وخلافا للعادة فقد كان لهذا المهرجان الفضل في الكشف عن حجم التباعد بين جهازين داخل (حوش) واحد وعدم التنسيق بينهما اداريا، ففي الوقت الذي يقر إبراهيم البزعي مدير الادارة العامة للدراما والموسيقى بالهيئة العامة للإذاعة القومية بأن الإذاعة السودانية لها الريادة تاريخيا في المشاركة في هذا المهرجان، يؤكد مصدر آخر بالاذاعة القومية علي ان جميع المشاركات تأتي مناصفة بين الاذاعة والتلفزيون بما في ذلك (الحج) ? أي سنة على هذا وسنة على ذاك- وعليه طالما ان المشاركة السابقة كانت من نصيب الاذاعة فهي هذا (أي المشاركة فى مهرجان الاغنية العربية) من نصيب التلفزيون ، الأمر الذي جعل من يس ابراهيم رئيس قسم الموسيقى والمنوعات بالتلفزيون القومي يشرع في اجراءات اكمال المشاركة بناء على الخطاب الذي تسلمته الاذاعة -بوصفهما جهة واحدة ? ( الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون)، حيث تعتبر المشاركة مؤشرا لضرورة البعد عن التعاطي مع القضية من حجمها الضيق المتمثل في ? (ان يشارك ممثل الاذاعة ام ممثل التلفزيون ؟!)، ولكن استرجاع قررا ما... ضاع في غياهب النسيان، وهو على مايبدو يدلل على ان عملية (دمج) هيئتي التلفزيون القومي والاذاعة السودانية فى هيئة واحدة مجددا من أكثر الأمور صعوبة ، فقد صدرت توجيهات واضحة من الاستاذ على عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية في الرابع من سبتمبر من العام 2012 تقضي باستعجال وزارة الثقافة والإعلام واللجنة المختصة بمجلس الوزراء والمكلفة بدمج هيئتي الاذاعة والتلفزيون وإعادة هيكلتهما لرفع تقريرها في مدة لا تتجاوز الشهر. ووجّه طه وقتها- بالمصادقة على موازنة التطوير والتحديث المقدمة من وكالة السودان للأنباء لمواكبة التطورات في مجال الإعلام ونقل الأخبار داخلياً وخارجيا، وفي التاسع عشر من ذات الشهر وذات العام أعلن وزير الثقافة والاعلام احمد بلال بان اللجنة المكلفة من مجلس الوزراء بدمج هيئتي الاذاعة والتلفزيون قد فرغت من أعمالها وستقدم تقريرها (الأسبوع المقبل) لمجلس الوزراء بعد إجازته من وزارة الاعلام توطئة لإعادة النظر في الهياكل، وكشف وقتها انهم بدأوا في حصر الكوادر العاملة بالهيئتين للاستفادة من كل الطاقات وتوظيفها، هذا الي جانب ان يشمل الدمج حتي وكالة السودان للانباء والأجهزة الاخرى باعتبار ان الرسالة واحدة ولامجال لوجود جزر معزولة في مجال العمل الاعلامي . الا انه وللغرابة انقضى مايقارب العام ولم يحدث هذا (الدمج بين الهيئتين) ولم يأت ذاك (الاسبوع المقبل) الذي قصده الوزير، فتقاطع مصالح البعض وتعارضها مع هذا الدمج أضاعه، فمثلما عملت مجموعة علي تحسين صورة هذا الائتلاف البرامجي وعملت علي تسويقه في اعلى مستويات الدولة ، على مايبدو قامت مجموعة مضادة اخرى يتعارض مع هذا القرار مصالحها ب(اجهاض القرار) قبل ان يدخل حيز التنفيذ، بل واصبحوا مستثمرين كبارا في هذا التشظي ، وفي هذا الاتجاه اشار عدد من الخبراء وقيادات الجهازين بعدم علمهم باسباب عدم إنزال قرار الدمج الى أرض الواقع ، بل واضاف بعضهم: انهم ليست الجهات التي تسأل عن هذا القرار في اشارة واضحة الى (فوق). عدد من الخبراء والنقاد يرون ضرورة ان يجتمع التلفزيون والاذاعة تحت راية واحدة يقودها مدير عام واحد، كما الحال في كل اجهزة التلفزة والاذاعة الحكومية بعدد من دول العالم والتي تربطها اتحادات علمية وتعمل تحت مظلة واحدة ،كما نادوا بضرورة تمليك الرأي العام للحقائق بشأن مصير اتحاد الاذاعة والتلفزيون مجددا، خصوصا وان عدم وجود الاتحاد والتنسيق بين الجهازين الإعلاميين داخل الحوش الواحد صارت لها تداعياته الإعلامية ربما خارج القطر.