فيما يشبه تلطيف الأجواء والتهدئة، عزمت قوى تحالف المعارضة للمرة الاولى منذ الانفصال على شد الرحال الى جوبا ، لأداء واجب العزاء، لحكومة الجنوب فى فقيد دينكا انقوك في مقتل السلطان كوال دينق مجوك بمنطقة أبيي، واعتبر كمال عمر عبد السلام مسؤول الاعلام بتحالف المعارضة ان هكذا زيارة تعمل على تحجيم دائرة الأزمة وعدم اتساع الهوة بين طرفي النزاع ، ويرغب تحالف المعارضة في استغلال الفرصة حال سنحت له ومقابلة قيادات الحزب الحاكم بجوبا، وطرح وجهة نظره لنزع فتيل الأزمة، هذه الفرصة التي بحث عنها التحالف طويلا عبر مطالبته الخرطوم بان يكون مشاركا ضمن وفد التفاوض في القضايا العالقة، وفتحت المعارضة لها كوة للحوار لجهة انه في المناسبات الاجتماعية يتبادل الزوار أكواب الشاى والحكي الذي يحول المكان الى منبر سياسي على الطريقة السودانية. أمر القدر والآن جلب القدر تلك الفرصة على طبق من الأحزان، وهيأ للمعارضة ميدانا يمكنها من اصطياد كل العصافير، حيث يمثل وفد العزاء من تحالف المعارضة كمال عمر( حزب المؤتمر الشعبي)، عبد الجليل الباشا( حزب الأمة القومي) ، صديق يوسف ( الحزب الشيوعي السوداني)، وفتحي نوري عباس( حزب البعث العربي )، وبتفكيك اعضاء الوفد، نجد انه من بين الاحزاب والهيئات ومنظمات المجتمع المدني ال(17) التي تكون تحالف المعارضة ، ظلت هذه الأحزاب الأربعة هي السائدة، وتأخذ بزمام المبادرة في طرح رؤية المعارضة في كافة القضايا،لذا كان موقف الامام الصادق المهدي الثابت والذي لم يمل من طرحه بعد الانفصال مباشرة ضرورة هيكلة المعارضة حسب قواعدها الشعبية وفاعليتها ونشاطها وحضورها السياسي ، ويمثل آخر يوم في ديسمبر العام(2009) ميلادا لتحالف قوى المعارضة ، الذي اشتهر حينها بتحالف جوبا ، لجهة ان مدينة جوبا شهدت لحظة ميلاده ، وجاء تكوينه قبل الانتخابات العامة التي جرت في أبريل من العام (2010) بهدف إسقاط المؤتمر الوطني، وبذل الاغراءات لجوبا كي لا ترجح خيار الانفصال ابان الاستفتاء في يوليو (2013)، وقال التحالف انه يهدف الى إسقاط النظام بالوسائل السلمية عبر برنامج حد أدنى هو إسقاط النظام وبسط الحريات العامة والتداول السلمي للسلطة، ونبذ العنف والاستعانة بالخارج لحلحلة القضايا القومية. حسم البندقية وحتماً ان الجانب الآخر للمعارضة اختار الخيار العسكري، أى (الجبهة الثورية) ، والتى ستكون شاركت جوبا العزاء في مقتل السلطان كوال ولو عبر الهاتف ، ومواساة ياسر عرمان في فقد نسيبه (السلطان كوال دينق). والجبهة الثورية التى عرفت في الاعلام بتحالف كاودا، تكونت في أعقاب الانفصال، وتسمت بالجبهة الثورية السودانية للتغيير مكونة من أربع فصائل مسلحة ( مقاتلي قطاع الشمال ، والحركات الدارفورية الرافضة لوثيقة الدوحة للسلام، حركة تحرير السودان فصيل مني اركو مناوي ، وعبد الواحد نور وحركة العدل والمساواة بقيادة د. خليل ابراهيم) وحددت هدفها باسقاط النظام عبر البندقية ، ويمثل هذا الخلاف بينها وبين تحالف المعارضة الآخر الذى يفضل إسقاط النظام بالعمل السلمي وليس المسلح، كما يرغب تحالف المعارضة في إجراء حوار سياسي وعميق مع المؤتمر الوطني الحاكم ،وفق شروط محددة ، تتنازع الجبهة الثورية وجهتي نظر ، فقطاع الشمال دخل في حوار مع الوطني حسب ما جاء في قرار مجلس الامن رقم (2046) وإن فشل، بيد ان الحركات الدارفورية تخوض قتالا ضد الحكومة من حين الى آخر وترفض الالتحاق بوثيقة الدوحة ، بل حدثت اغتيالات لقيادات من فصيل حركة العدل والمساواة الذي التحق بوثيقة الدوحة. قاسم مشترك بيد ان باب الحوار بين المعارضتين ،مازال مفتوحا على مصراعيه ،وان بعضا من القوى المعارضة غير المنضوية تحت لواء تحالف المعارضة، ذهبت الى كمبالا ، والتقت قيادات الجبهة الثورية (الحركة الاتحادية ، وحزب الوسط الاسلامي ممثلا في رئيسه د. يوسف الكودة وقيادات سياسية التقت هناك أصالة عن نفسها)، لكن انكباب المعارضة نحو الجبهة الثورية أقلق الحكومة، ورأت فيه رفعا لروح الجبهة ، ودعما معنويا لا يقاس، بينما ثمن حزب الأمة القومي زيارة المعارضة لجوبا واعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح. وأكد السفير نجيب الخير أمين العلاقات الخارجية بالحزب ان التقارب بين المعارضة المدنية والمسلحة ضرورة يفرضها الواقع السياسي، لجهة ان أى حوار تجزئة بين الوطني والمعارضة لن يكون ذا جدوى واعتبره حوار طرشان عقيم لا يفضي الى شيء ، وذهب نجيب الى ان اى حوار ان لم يكن شاملا وجامعا وقائما على اطار مرجعي، واتفاق شامل على المفاهيم المرتبطة بالحوار على رأسها وحدة المعارضة المفضية الى وحدة منابر التفاوض ووضع اطراف الحوار في مائدة مستديرة، غير ذو جدوى . ونوه النجيب الى ضرورة ايجاد الصلة بين طرفي المعارضة المدنية والعسكرية لاحداث تغيير سلس يضمن ان يكون التغيير سلميا خاليا من العنف، لذا حسبما أفاد نجيب فان حزب الأمة يؤمن بتكامل العمل المعارض لجهة انه لا إمكانية للتغيير دون اتفاق وتنسيق بين طرفي المعارضة، اما فيما يتعلق بالحوار مع الوطني قال نجيب يجب ان يدفع الوطني جهة خلق منبر تفاوضي ولا يستبعد عنه أى من الأطراف.