حينما ترمي بالسؤال لأي صحفي من العاملين في حقل الصحافة والإعلام المرئي والمسموع، كم دورة صحفية دخلتها؟.. يمد إليك بلسان الدهشة، قبل أن ينطلق في إجابة تفهم منها أنه لا يتذكر، وربما يجيب البعض وهم الأغلبية، بأنهم لم يدخلوا ولا دورة واحدة، وتتنوع الأسباب ويبدأ فاصل من النقد تجاه القيادات الإعلامية، التي يتهمها البعض باحتكار السفر دون إعطاء الفرصة لبقية الصحفيين، لذلك تجد التباين في المستويات المهنية والفارق كبير بين هذا الصحفي وذاك في الخبرة والتجربة المكتسبة من هذه الدورات، وحتماً الفارق الزمني بين ما وصل إليه الإعلاميون في الخارج وما هو عليه واقع الحال للإعلاميين والصحفيين السودانيين، وما وصلت اليه الصحافة والأجهزة الإعلامية الأخرى من تطور علمي وتقني. وما يلفت الإنتباه أنّ جهات عدة بدأت في العمل بإقامة دورات صحفية وإعلامية لكن سُبل الوصول للمشاركة في هذه الدورات سواء الداخلية أو الخارجية تعترضها عوائق كثيرة منها ما هو مرتبط بالعلاقات الشخصية ومنها محدودية الإعلان عنها وهو ما يحجب فرص البعض في التقديم اليها لعدم معرفته بها ومنها ما يركن على طاولات رؤساء ومديري المؤسسات الصحفية والاعلامية مما دفع ببعض الصحفيين والاعلاميين لتفعيل علاقاتهم مع الجهات ذات الصلة بطبيعة عملهم، فيأتي هذا البعض بدعوته او اختياره للدورة للمؤسسة الصحفية التي لا تجد مفراً سوى الموافقة له بالمشاركة فيها. وأمس، وفي قاعة محمد سعيد معروف بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، ربما تكون البداية الصحيحة للدورات الصحفية من حيث العدالة في فرص المشاركة وتحصينها من أية محاباة، ووفق الخبر أدناه، فقد عقد المجلس القومي للصحافة والمطبوعات بالتعاون مع السفارة البريطانية والمجلس الثقافي البريطاني وطومسون فاونديشن صباح امس بمقر المجلس، لقاءً تشاورياً مع قيادات العمل الصحفي، حيث بحث اللقاء كيفية تدريب وبناء قدرات الإعلاميين بالسودان. وقالت صوفي ود سكرتير ثاني القسم السياسي ومدير الإعلام والعلاقات العامة بالسفارة البريطانية، إن المشروع يمتد لمدة سنتين حيث تعقد كل ثلاثة أشهر دورة في تعليم اللغة الإنجليزية وذلك وفق شروط يحددها فريق العمل الخاص بمشروع بناء القدرات الإعلامية بالسودان، وأضافت ان هذا البرنامج ينفذ بتمويل من السفارة البريطانية. وأوضحت أنه بنهاية هذا البرنامج سوف يكون هناك برنامج آخر لمدة سنتين. وأكدت صوفي على ضرورة أن يتم الاختيار للصحفيين الجادين والملتزمين والذين لديهم الفكرة للتغيّر والتغيير في الآخرين. ومن جانبه، أكد بروفيسور علي شمو رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات، على أهمية المشروع في تأهيل الصحفيين، وقال إنّ المشروع يشمل تدريباً عن طريق الكورسات وزيارات إلى بريطانيا للوقوف على تجارب وخبرات الإعلام البريطاني للاستفادة منها في السودان، وأضاف بأنّ هذه فرصة لابد أن نغتنمها، وأن يكون البرنامج موضوع شراكة بين الإعلام السوداني والسفارة البريطانية. وأوضح شمو أن البرنامج يتم تمويله من قبل السفارة البريطانية، وطَالبَ قيادات العمل الصحفي السوداني بتطوير المناهج في الجامعات السودانية، وأوضح أن اختيار الصحفيين المتدربين سوف يكون وفق شروط معينة لأول مرة. ومع التطور الحاصل في عالم الصحافة والإعلام والجهود التي تبذلها بعض المؤسسات الصحفية لتدريب طلاب الاعلام بالجامعات السودانية ودور إتحاد الصحفيين في قيام الدورات، كشف السموأل عوض السيد مسؤول التدريب بالإتحاد، أن قانون الصحافة والمطبوعات يلزم المؤسسات الصحفية باستقطاع مبالغ من ميزانياتها لتدريب وتأهيل منسوبيها، إلا أن هذا لم يتم، وناشد هذه المؤسسات القيام بذلك في حين انه أشار الى أن المجلس القومي للصحافة والمطبوعات هو الملزم لهذه المؤسسات بهذا الاستقطاع وقد فعل في جولته السابقة على هذه المؤسسات ضمن قيامه بإعادة هيكلة المؤسسات الصحفية. ورد السموأل على الاتهام بأن هذه الدورات لا يعلن عنها حتى الدورات التي يقيمها الإتحاد، بأن مجلس الإتحاد يعلن عن قيام هذه الدورات في الصحف كافة ويدعو المؤسسات الصحفية لترشيح منسوبيها لهذه الدورة أو تلك وعلى حسابها، وآخر الدورات كانت في بريطانيا ورغم أن رسومها عالية إلا أنها تمت في أبريل الماضي. وقال إنّ الإتحاد يبحث عن هذه الدورات ويعلن عنها والمشاركة ضمن عضوية الاتحاد تتم عبر المؤسسة التي يعمل فيها المنتسب لعضوية الإتحاد. وقال السموأل: هنالك دورات تتم عن طريقنا وأخرى تنظمها جهات أخرى، ومجلس الصحافة ايضا يقيم دورات هو مسؤول عنها، وأضاف بأن الاتحاد خلال السنوات الثلاث من عُمر دورته التي تنتهي في العام المقبل أقام (19) دورة استفاد منها (270) صحفياً بينها خمس دورات خارج السودان.. وناشد السموأل المؤسسات الصحفية بدعم تدريب الصحفيين في مجالات العمل الصحفي كافة بعد أن أطلق عليها رذاذاً من عتب ولوم تجاه تقصيرها في ذلك، رغم انه قال انه ليس بالجهة التي تلزم هذه المؤسسات وإنّما هو دور مجلس الصحافة والمطبوعات الذي بَحَ صوته مطالباً بالتزام هذه المؤسسات بهذا الاستقطاع من ميزانيتها من أجل تدريب وتأهيل منسوبيها. ومن ذلك، نجد أن الصحفيين والإعلاميين بين ثلاث جهات بحثاً عن منفذ للتطوير ورفع القدرات، ماذا لو اجتمع مجلس الصحافة وإتحاد الصحفيين ومجموعة الناشرين لمعالجة الأمر بحكمة ووفق سياسة ورؤية واضحة تشمل تدريب الكفاءات للاستفادة منها وفق شروط تمكن هذه المُؤسّسات من ضمان الاستفادة من منسوبيها الذين يستفيدون من هذه الدورات، حتى لا يحدث ما يثير خوفها من قصة هروب المبتعثين في المجالات الأخرى الذين يقضون فترات الابتعاث ولا يعودون إلى الوطن.