في إطار اهتمامها بمتابعة الأوضاع في السودان لموقعه وتركيبته وتاريخه وتأثيره الإقليمي وسلسلة الأزمات التي يواجهها دون انقطاع منذ استقلاله، نظمت وكالة ريا نوفستي الروسية بموسكو منتدىً تفاكرياً تحت عنوان (السودان والربيع العربي) دعت إليه السفير السوداني بموسكو، والبروفيسور الكساندر يفغيني، والبروفيسور سيرغي يوريفتش الخبيرين الروسيين في الشأن السوداني، وسط حضور نوعي كبير وتغطية من عدة أجهزة إعلامية منها صحيفة «نوفيا أزفستي الروسية» ووكالة الأنباء الكازخية وتلفزيون المنار بالإضافة لوكالة ريا نوفستي نفسها. في البداية تحدث المدير العام لوكالة ريا نوفستي مرحباً بالحضور، وأبان أنّ هذا المنتدى مبادرة ومحاولة للوقوف عند حالة بلد عربي أفريقي تواجهه حزمة كبيرة من الضغوطات والعقوبات وتتناوشه النزاعات والأزمات دون أن تنهار الدولة وتقتلعها رياح الربيع العربي كما حدث في العديد من الدول العربية ذات الأنظمة التي كانت تبدو قوية ومستقرة. بعد ذلك، تحدّث البروف سيرغي يوريفتش الأستاذ بجامعة العلوم الإنسانية بموسكو والخبير في الشأن السوداني، عن أهمية السودان وعن تجاهل الصحافة العالمية لأهمية هذا البلد الأفريقي وخاصةً الصحافة الروسية، وتطرّق للمشاكل التي مرّ بها السودان من توقيع اتفاقية السلام الشامل والاستفتاء والانفصال، وقال: كنا نعتقد أن السودان بلدٌ ضعيفٌ لا إمكانيات له، لكن اتضح أن تلك ليست هي الحقيقة، وأضاف بأنه ورغم العقوبات الاقتصادية بالذات التي يتعرّض لها السودان فإنّه كان متوقع حدوث ربيع عربي، ولكن الحكومة في ذلك البلد كان واضحاً أنها تؤمن بأنّ الحل العسكري ليس حلاً ناجعاً لمثل هذه المشاكل مما أدى بصورة مباشرة لتقليل عوامل التوتر الشعبي. وأشار سيرغي إلى أنّه من المهم جداً أن نلفت الانتباه إلى أن العقوبات الدولية تمثل عقبة كبيرة جداً أمام الحكومة السودانية لأنّها تعرقل وصول الشركات والمستثمرين إلى ذلك البلد، وحول الشراكة بين السودان وروسيا قال إنه من المعلوم أنّ روسيا لم تتواجد في أفريقيا وتهتم بها مثل دول أخرى كالصين وماليزيا والهند، وإذا تحدّثنا عن دور روسيا الاقتصادي تجاه أفريقيا فإنّنا نتحدث عن مستقبل، وهناك إشارات واعدة للمستقبل بين البلدين ومنها الوفود السودانية الرسمية التي زارت روسيا أخيراً ووقعت العديد من الاتفاقيات واختيار السودان لروسيا كشريك في مجال التعدين. واختتم البروفيسور سيرغي يوريفتش حديثه بأن السودان يصنع نموذجاً ديمقراطياً جيداً يناسب طبيعة السودان وخصوصيته حتى ولو لم يعجب الأمريكان فيفرضون المزيد من العقوبات. وأضاف: بحكم دراستي للقضايا السودانية فيمكنني القول بثقة تامة انّه في القريب العاجل سيعود السودان وجنوب السودان للعيش في سلام كما كانا من قبل. وقال البروفيسور الكساندر يفغيني الخبير في الشأن السوداني انّ السودان يعتبر جزيرة استقرار نسبي في بحر هائج في العالم العربي وشمال افريقيا وذلك بفضل السياسة الواقعية الرشيدة لحكومة السودان، وقال إن السودان بعدما تعرض له من اختناق اقتصادي بسبب خروج بترول الجنوب وتوقف ضخه فإنه ركز على تنمية مصادر أخرى مثل التعدين وبذلوا فيها الكثير من الجهود حيث تم تعديل قوانين الاستثمار والتعدين لكي تصبح جاذبة، والآن هناك (161) منجماً لإنتاج الذهب وأيضاً خلال فترة قصيرة تمكنوا من جذب حوالي (90) شركة أجنبية لسوق التعدين، وأضاف بأن الحكومة السودانية سعت لفتح بورصة الذهب وذلك لتشجيع الشركات المختصة، وفي العام 2013م تم افتتاح مصفاة للذهب الخالص. وختم البروفيسور يفغيني حديثه، بأنه من المتوقع في العام 2015م عودة السودان بالأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الانفصال، وقال إنه بكل صراحة ونزاهة فإن تجربة السودان في تخطي الأزمات تجربة فريدة وتستحق التوقف عندها. بعد ذلك تحدث السفير عمر دهب سفير السودان لدى روسيا، مقدماً الشكر لوكالة ريا نوفستي على مبادرتها الكريمة، وخصّ بالشكر البروفيسور سيرغي يوريفتش والبروفيسور الكساندر يفغيني، وما أدليا به من حديث العارف عن السودان، وأشار إلى أنّ هناك رغبة قوية في تطوير العلاقات مع روسيا خاصةً العلاقات الاقتصادية، وقال إن تماسك السودان أمام الثورات العربية سببه الرئيسي أن السودانيين جميعاً وجدوا أنفسهم أمام تحدٍ واحدٍ يغذيه شعورهم بأنهم مستهدفون، لذا جاء تماسكهم وتعاملهم بوعي ويقظة مع ما يجري حولهم.