كان تدشيناً رائعاً لكتاب الراحل المقيم الاستاذ سر الختم الخليفة ... والذي قامت به مؤسسة حجار الخيرية .ولأول مرة يجتمع عليه القوم وعلماؤهم للحديث عن سر الختم الخليفة كان هناك الدكتور يوسف فضل وكان الدكتور حسن إبراهيم الذي جاء من ماليزيا ليحضر هذا التدشين وليقول كلمة حق في الراحل ... ثم جاء الأستاذ بونا ملوال وزير الثقافة والإعلام السابق حيث جاء من لندن ليدلي بشهادته في الراحل الأستاذ سر الختم . وكان حكيم الهلال والأهلة ... وحكيم مؤسسة حجار الخيرية الأستاذ طه علي البشير ، حيث ألقى كلمة قوية تحدث فيها عن مآثر الفقيد ودوره في تطوير مؤسسة حجار الخيرية وفي التعليم والدبلوماسية . وكان الدكتور بشير عبادي حاضراً بكل علمه وشخصيته القوية ... جامعة الحفاد بكل جمالها وبكل ما قدمته للجميع بالسودان كانت حضوراً ... والناس حضوراً في فنائها ، وروح العميد الراحل يوسف بدري ترفرف في ذلك الفناء الواسع ... وكان هناك سعادة اللواء محمد الأمين ... والعميد (م) ميرغني سليمان خليل الضابط العظيم السابق وأحد أركان الدبلوماسية ... وكذلك ظريف المدينة والمجمع العميد (م) مصطفى عبادي . جمع غفير من الرجال من أهل الفكر والثقافة والتعليم كانوا حضوراً كرموا الراحل العظيم بوجودهم ... أفتقد الحضور الدكتور منصور خالد أحد رموز الإستنارة في بلادنا ... إذ كان هو الغائب الحاضر وهو الآن يجري فحوصات في العاصمة البريطانية لندن ... وليته كان حاضراً . الدكتورة سارة أبو كانت إحدى نجوم الحفل وكانت في حركة مستمرة وأشرفت على توزيع الكتاب وعلى الضيافة الراقية التي تشبه آل حجار وتشبه سارة أبو . والقى السيد طه علي البشير رئيس مجلس إدارة حجار الخيرية كلمة قوية جاء فيها : لعله من المعلوم بالضرورة والمعروف بالتجارب أن الأمة التي تريد مد جسور التواصل بين أجيالها المتعاقبة لابد لها من توثيق دقيق وتدوين أمين تحفظ به سيرة ومسيرة قادتها في كل العهود والحقب وجهد علمائها في جميع المناحي والشعب وجهاد أبطالها وحملة مشاعل عزتها وحفظة مصادر قوتها في كل الميادين والساحات توثيقاً وتدويناً يحيط بالمعاني العظيمة التي سعى وضحى لأجلها أولئك القادة والعلماء الأجلاء ، وتوثيقاً يؤكد المضي قدماً من أجل تحقيق تلك الأماني الغالية التي عاش من أجلها أولئك الرجال حتى ارتفعت أرواحهم الطاهرة إلى بارئها وما زالت تلك الأماني والأحلام تداعب أخيلتهم وتتراقص رقراقة براقة أمام أرواحهم وهي في برزخ الخلود تنعم إن شاء الله بما قدمت من عطاء وأجزلت من إحسان ووفاء . ولعله أيها الإخوة من دواعي غبطتنا وسرورنا في مؤسسة حجار الخيرية أن نضع أمامكم اليوم هذا السفر العظيم وأنتم بصدد التأمين والتأكيد على ذات المعاني التي من أجلها قمنا بطباعة ونشر هذا الكتاب وهي بلا شك من أعظم المعاني إذ تتعلق باحياء قيمة الوفاء لمن بذل فأحسن البذل والوفاء وقدم فأجزل العطاء.. ولعل هذا الاحتفال الذي يزدان بحضوركم الجميل لتدشين هذا السفر القيم الذي بين أيدينا يختلف من حيث المضمون عن كل ما سبقه إذ أن هذا الكتاب لم يؤلفه و يحفظ أسطره قلم راحلنا المقيم وإنما خطته وأبدعته أقلام أخرى عرفت قدر الرجل ومكانته فجاء الوفاء والعرفان بجميل الراحل العزيز صادحاً وواضحاً في كل أبواب الكتاب بل في كل فصوله وسطوره، وهنا تعلو قيمة الوفاء إلى أعلى مراقيها.. الأخوة الكرام : كما يسرني وأنا أمثل مؤسستنا الخيرية أن أقول إنه ربما يتبادر إلى أذهان البعض ان المؤسسة إنما قامت بهذا العمل بدوافع العلاقة التي جمعت بين الراحلين سر الختم الخليفة وجورج حجار، وربما يتبادر إلى أذهان أخرى ان ما قامت به حجار الخيرية لأجل الرجل إنما كان بسبب أنه من ركائزها ورئيساً سابقاً لمجلس أمنائها، إلا أنني أقول لهؤلاء واولئك ان كل هذه العلائق والوشائج التي جمعت بين حجار الأسرة وحجار المؤسسة الخيرية والاستاذ سر الختم تمثل مصدر فخر لنا ولكن دوافع هذا العمل كانت أكبر من كل هذا، فقد رأينا ان جمع وطباعة ونشر محتويات لهذا الكتاب قد تميط اللثام عن كثير من الجوانب المشرقة لهذا الراحل العظيم الذي حمل اسمه مدلولات من شخصيته فقد مثل الرجل بصدق سر تميز الشخصية السودانية في عفة يدها ولسانها وصدقها وإحسانها وتواضعها وزهدها وكان الختم خاتماً ختم به على كل صفات النبل والخير والجمال التي ميزت ذلك الجيل من الرجال. وختاماً أقول : أيها الإخوة إننا بهذا التوثيق الرقيق نهدي أجيال اليوم والغد القادم سيرة رجل يجب ان تحفظ له الأجيال أنه وهو في معية الصبا الباكر كان ثالث ثلاثة انيط بهم اختيار واختبار مناهج التدريس ولم يبلغ يومها العشرين من العمر يوم ان كان مساعدا لمستر «قريفث» والاستاذ عبد الرحمن علي طه - يرحمه الله.. كما يجب ان يحفظ للرجل انه كان من اول من أدخل دراسة اللغة العربية في مدارس جنوب السودان وذلك يوم ان كانت غابات الجنوب في عذريتها كثيفة وريفة وأحراش الاستوائية في خطورتها طويلة غزيرة وإذا بالشاب الفتي القوي الثاقب الفكر الواثق الخطو يتجول بين أحراش الغابات ومياه المستنقعات من أجل ان يقدم خدمة جليلة لوطنه الذي أحبه وأخلص له.. ثم كيف لا تحفظ له الأجيال ويحفظ له التاريخ قيادته للسودان في أحرج مرحلة وأخطر تجربة تجاوزها بحنكته وسعة صدره ورجاحة عقله.. وأخيراً لعلنا نترك لأهل الذوق اللغوي والعمق الفكري متعة السياحة والسباحة مع تلك الجملة الرشيقة ذات الدلالات البليغة والتي ختم بها سر الختم خطابه التاريخي في مؤتمر المائدة المستديرة في العام 1965م حيث قال : «جدر بنا ان نفطن دائماً بأننا لسنا الوارثين لماضينا الذي يكتنفه الظلام ولكنا المبدعون لمستقبل مشرق.».. وفي ظني بل يقيني ان معاني هذه العبارة كانت من أقوى دوافع مؤسسة حجار الخيرية التي لا تسأل وإلا يسأل غيرها عن أرث الماضي السالب المظلم الذي تسبب في تدهور والتخلف ولكنها تعتبر نفسها شريكاً اصلاً في حركة الابداع التي تستهدف مستقبلا مشرقاً لوطننا الحبيب وأجيالنا القادمة.. ويسرني ان اؤكد باسم هذه المؤسسة ان مسيرة التوثيق الدقيق والتدوين الأمين لن تنقطع ما دام في أسرة مؤسسة حجار ومجلس الاحفاد انفاس تتردد واحساس بالمسئولية والوطن يتجدد ويتمدد مع كل فجر جديد .. وأخيراً شكراً لكم جميعاً والجنة والخلود لراحلنا الذي مكننا من ان نقدم للجميع هذه السيرة والمسيرة العطرة..