الآن المعارضة ذات شقين؛ معارضة سياسية ترفع شعار العمل السياسي السلمي وتضم (17) حزبا سياسيا وهيئة، ومعارضة مسلحة، توافقت على العمل تحت مظلة (الجبهة الثورية)، واختارت العمل المسلح ، وما بين المعارضتين ثمة مشاعر مشتركة يجمع بينهما المبدأ وتفرق بينهما الوسائل، ورغم ذلك لم ينقطع الاتصال بينهما لجهة أن العلاقة بين الطرفين استراتيجية، حسبما أفاد كمال عمر مسؤول الاعلام بتحالف المعارضة، وفيما تراهن قوى الإجماع على التعبئة السياسية للشارع ، تراهن الجبهة الثورية على العمل المسلح وإن تكررت المحاولات دون جدوى، فهل يلتقي الطرفان عبر خطة (المائة يوم) لتحقيق اهداف المعارضة؟ برنامج الخارج قالت قوى الاجماع المعارضة، إن برنامج (المائة يوم)، يمثل برنامج المعارضة التعبوي والسياسي، مقابل برنامج الحكومة، لجهة أن قوى الاجماع ليست جزءاً من الحكومة، والبرنامج - حسبما أفاد فاروق ابو عيسى رئيس الهيئة العامة لتحالف قوى الاجماع - برنامج لثلاثين يوما تقدم به السودانيون العاملون بالخارج، ويبدأ في الأول من يونيو وينتهي بآخر يوم فيه، من اجل جمع التوقيعات المطالبة بالتغيير، بيد أن قوى الاجماع طورته وأضافت - بموافقة ومشاركة كل الاحزاب عليه - برنامجا تعبويا لمدة مائة يوم، وذهب أبو عيسى إلى أن (الجبهة الثورية) جزء من هذا البرنامج لجهة أنها معارضة للنظام وتتفق مع قوى الاجماع في مبدأ اسقاط النظام، وأشار إلى أن جوهر الخلاف بين قوى الاجماع والجبهة الثورية هو الاختلاف حول الوسائل للتغيير، وأضاف بأن خيار المعارضة هو الخيار السياسي السلمي. الحل السياسي ودفعت قوى الإجماع بأن الهدف من البرنامج حفظ ما تبقى من البلاد، والاتصال والتنسيق مع كل ابناء الوطن ما أجل طرح حل القضايا والمشاكل سلميا عبر الحوار والتفاهم، وأوضح ابو عيسى أن قوى الاجماع عرضت على المؤتمر الوطني برنامجا من شقين؛ القبول بالحكومة القومية وتفكيك نظام الحزب الواحد الحاكم، والحوار الوطني الجامع، بيد ان الوطني قدم مقترحا مغايرا، اعتبره ابو عيسى لا يتوافق مع اتجاه التحالف ويجعل من عضويته مجرد (خدامين) للوطني. وفي ذات السياق، أوضح محمد ضياء الدين عضو الهيئة، ممثل حزب البعث الأصل بقوى تحالف المعارضة، أن خطة المائة يوم التي أجازتها الهيئة القيادية لتحالف المعارضة؛ كونت بموجبها لجنة مختصة، الغرض الاساسي منها اعادة الاعتبار للدور السياسي الذي يجب ان تقوم به القوى السياسية، واستنهاض الدور السياسي السلمي، لانجاز أهداف المعارضة. البرنامج وابان محمد ضياء الدين، أن قوى الاجماع قسمت برنامج المائة يوم الى ثلاث مراحل، مدة كل مرحلة شهرا، وتبدأ المرحلة الأولى من اليوم الأول لشهر يونيو الحالي، موزعة على أربعة اسابيع وتحصر في إعادة ترتيب الأوضاع الادارية والتنظيمية لقوى الاجماع لتطوير فاعليتها التنظيمية، وقال إن البرنامج دشن بلقاء موسع ضم (85) عضوا ممثلا فيه كل مناديب الاحزاب، بما في ذلك المناطق الأربع المأزومة ، ويعد ذلك اللقاء بمثابة حملة استنفار لتنجز اللجان المعنية المهام المضمنة في الخطة. وأبان أن الأسبوع الثاني يقتصر على قيام ندوات فرعية على مستوى المدن الثلاث ؛ ندوتان في كل مدينة، ويحتوي برنامج الأسبوع الثالث على ندوات مركزية تقام بدور الأحزاب (الامة القومي بام درمان والمؤتمر الشعبي بالخرطوم والحزب الشيوعي بالخرطوم بحري)، ويختتم ذلك بليلة سياسية كبرى تقام في ميدان عام، ورجح محمد ضياء الدين ميدان المولد بالخرطوم في منطقة السجانة، ويتزامن ذلك مع ندوات في الجامعات (الخرطوم والنيلين والسودان). المبادرة وكشف محمد ضياء الدين؛ عن طرح قوى الإجماع، لمبادرة تقدم إلى المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية، تقوم على مضمون ما تم التوافق عليه للحل السياسي عبر البديل الديمقراطي من خلال وضع انتقالي يؤسس لمرحلة انتقالية، تقطع الطريق امام الطرح العسكري، وذهب الى ان المبادرة ستطرح على اجهزة الاعلام، وأكد أن نجاح المبادرة مرهون بقبول الرئيس البشير لها، وحال تم رفض المبادرة؛ قال إن الخيار الآخر هو تغيير النظام بالوسائل السلمية، والذي يبدأ من استغلال المنابر السلمية المتاحة، والتنسيق السياسي على مستوى قواعد قوى الاجماع في الاحياء والمدن والقرى والارياف في الاقاليم من خلال تجسير العلاقات السياسية بين احزاب قوى الاجماع، بجانب استقطاب طاقات كل القطاعات والفئات للقوى الفاعلة والحية. التمويل ويعتمد تمويل خطة (المائة يوم) -حسبما خطط التحالف- على جمع التبرعات من مكونات التحالف، والذي فرض على كل حزب دفع مبلغ (500) جنيه كحد أدنى لتدشين انطلاقة الحملة، بجانب تجاوز الوسائل التقليدية والموسمية وتوظيف التكنولوجيا والمعلوماتية والمواقع الشبابية. دفاعات الوطني المؤتمر الوطني، من جانبه، لم يخف علمه بتفاصيل خطة (المائة يوم)، بل وزاد باتهام المعارضة بدعم الجبهة الثورية، وعمل الجانبين على محاولة إزاحة النظام، وعقب اجتماع المكتب القيادي للوطني الأسبوع الماضي، أفاض د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، في نقد المعارضة والجبهة الثورية، واتهامهما بالتنسيق لتمزيق السودان ومساندة قوى أجنبية لزعزعته، ونوه د. نافع لتفصيلات الخطة بالأيام والأشهر والأسابيع، والتي تبدأ من يونيو الحالي لاسقاط الحكومة، بتوجيه من ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية - قطاع الشمال. لكن د. نافع اعتبر أن هزيمة الجبهة الثورية في (أبوكرشولا) زلزلت قواعد الجبهة والقوى السياسية التي تدعمها، وأن هناك جهودا لإعادة محاولة تنفيذ عمليات عسكرية. سلة واحدة لكن البعض يرى أن خطة (المائة يوم) هذه ستجعل القوى المسلحة و(الجبهة الثورية) تحديدا، خارج منظومة المعارضة، لاختيارها المعارضة المسلحة، مما يجعل المعارضة تسير في خطين متوازيين لا يلتقيان، أو يضع بعض قوى المعارضة التي تحاول تجسير الهوة مع هذه الحركات؛ في قائمة داعمي العمل المسلح، الأمر الذي يضعها تحت نيران الحكومة، والمجتمع الدولي، بل والشعب نفسه، باعتبار أن العمل المسلح والعنف أمر مرفوض في محاولات تغيير الأنظمة وتداول السلطة، على المستويات كافة. ويعتقد مراقبون، أن مخططات المعارضة- على اختلاف مسمياتها ومواقيتها- مرت بعدة مراحل، وبدأت عدة مرات وانقطعت لعدد من الظروف، ويشيرون إلى أن توقيع وثيقة (كاودا) ثم ميثاق (الجبهة الثورية) في كمبالا وغيرها، لم تكن سوى حلقات في خطط المعارضة ? التي يرى البعض أنها مشروعة في سبيل الهدف- وكلها تنص على هدف إزاحة نظام الحكم في السودان عبر العمل العسكري المسلح أو عبر العمل السياسي. عموما، فإن خطة (المائة يوم) باتت واضحة للعيان ومتاحة للإطلاع عليها ومعرفة تفاصيلها - من خلال ما اوضحه قيادات تحالف المعارضة - لكن بالمقابل فإن الحكومة والمؤتمر الوطني لهما رؤيتهما حول هذه الخطة، ولديهما من الآليات التي يمكن أن تطرحاها لمواجهتها، مما يبشر بفصل جديد من المواجهة الخشنة بين الجانبين.