فى العام 2000 كان مرتب مدير السكة الحديد يقارب 3 ملايين جنيه خالى من الضرائب ويسكن فى منزل حكومي وتحت تصرفه سيارتان بسائقيهما ، العلاج واسرته على نفقة الدولة فى المستشفيات الحكومية واذا تعذر ذلك فان الدولة تتكفل بالعلاج خارج السودان . 4 تذاكر كاملة بالدرجة الاولى لأقصى محطة تصلها سودانير او تدفع قيمتها كاملة نقدا . بدل اجازة مرتب ثلاثة شهور (حوالى 6 ملايين جنيه ) عن الزيارات الرسمية خارج البلاد يستحق سيادته يوميا 300 دولار (اللوائح تسمح ب200دولار فقط).عندما يسافر لقطر أجنبى تتكفل الدولة الداعية بجميع النفقات ومع ذلك فان المدير يتحصل على 75 دولارا يوميا . مع ان الحكومة تتكفل بكل نفقاته من فنادق وإعاشة عندما يقوم المدير بتفقد العمل داخل السودان إلا ان سيادته يصر على تحصيل 50 ألف جنيه عن كل يوم . عندما يكتب هذا التقرير الاستقصائى فى صحيفة الرأي الآخر الموءدة يوم 12 مارس 2000 اعتبرت ذلك التجاوز فى مخصصات مدير السكة حديد حالة استثنائية يمكن تداركها فى إطار اصلاح الخدمة المدنية .ولكن بعد مرور كل هذه السنوات (13) عاما اتضح ان هذا الضرب من الفساد لم يكن استثناء وإنما لم يكن سوى طرف من جبل جليد هائل يستحيل إيقافه . وأحدث مثال على ذلك ما كتبه الاستاذ يوسف التاي في (الإنتباهة) يوم السبت بعنوان الفساد ( صورة من الفساد المحمي بالقانون ) .تقرير الاستاذ التاي يدور حول التعاقدات الخاصة السرية التى تبرم فى الخفاء فى المؤسسات والشركات الحكومية والوزارات، وضرب مثلا لتلك التعاقدات بالعقد المبرم بتاريخ 1/1/2009 بالخرطوم الطرف الأول فيه الدكتور أزهرى التجاني وزير الارشاد والاوقاف وناظر عموم الأوقاف الاسلامية السابق .والطرف الثانى الدكتور الطيب مختار الطيب امين عام ديوان الأوقاف . المراجعون لاحظوا فى تقاريرهم ان العقد غير موثق بواسطة وزارة العدل كما تقتضى اللوائح والقوانين و(كمان) بدون شهود .العقد نص على شرط (لايحق لأي طرف ان يكشف بنود هذا العقد او ان يطلع عليها أي طرف ثالث على أي من محتوياته إلا بموافقة الطرفين) . والى تفاصيل هذا العقد المشبوه بدل عربة 36 مليون جنيه بدل علاج 60 مليون جنيه اجازة 20 مليونا ،بدلات عيد الفطر والاضحى 80 مليونا ،بدل سكن 80 مليونا . تأمينات اجتماعية 80 مليونا الاجمالى 596 مليون جنيه. ويشتمل العقد ايضا على تذاكر سفر ذهابا وايابا بدرجة رجال الاعمال او ما يعادلها نقدا ،تكلفة الانترنت للاستخدام الرسمى والشخصى .بدل مأموريات وتذاكر خارج السودان والحوافز وفق التطوير والاستثمار . اعفاء من ضريبة الدخل الشخصى او اية ضرائب اخرى ,عربة او بدل عربة تقدره الادارة مع الوقود والتأمين الشامل والصيانة للاستعمال الشخصى والرسمى مع السائق . ويتساءل الاستاذ لماذا تخفي الأطراف المتعاقدة تعاقداتها وتضرب عليها سياجا من التكتم حتى على ديوان المراجع العام، رغم ان الامر شأن عام ويخص الأموال العامة للدولة ,أليس هذا دليلا على شبهة الفساد والمخالفات والتجاوزات لايريد أصحابها ان يطلع عليها احد . وهل نص العقد الخاص على اخفائها وعدم السماح لاي طرف ثالث بالاطلاع عليها بدعة أتى بها ازهرى التجانى والطيب مختار وحدهما ؟ ام ان كل العقود الخاصة تتضمن هذا الشرط (شرط التكتم) واخفاءه حتى على المراجع العام ووزير المالية ومجلس الوزراء . ويستنكر الكاتب استغلال النفوذ السياسى لابرام صفقات غامضة وعمولات والعمل على تعطيل وتغييب القوانين واللوائح التى تحمى المال العام واضعافها باخرى خاصة تكتسب مشروعية للخيانة والفساد..بل تحميها بتشريعات خاصة وتجعل الجرم اجراء قانونيا سليما لايعاقب مرتكبه . من اين يستمد التعاقد الخاص ( الضراع الأقوى ) مشروعيته بسن قوانين تبيح التعاقد الخاص وتمكن اشخاصا من التلاعب بالمال العام وتمنع وزارة المالية من ممارسة دورها فى المحافظة عليه وضبطه . وقد اجاب الاستاذ التاي على هذا السؤال في سياق تقريره الضافي الذي يستحق الثناء.