عندما استدعت الخارجية القائم بالأعمال الأمريكي وشرح له وزيرها وقائع الهجوم العسكري على «ابوكرشولا» والممارسات الإجرامية التي قامت بها قوات الجبهة الثورية في المدينة، حاول الدبلوماسي الأمريكي التحدث، و لكن الوزير أوقفه بحدة، وقال له أنت هنا لتستمع ولا نريد منك تعليقاً أو نصائح.. لا يشك أحد أنه بعد هذه المقابلة أو المواجهة الساخنة، قررت امريكا الغاء أو تعليق دعوتها للدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية لزيارة واشنطن، وهي الزيارة التي وصفت بأنها لإجراء حوار «عميق» مع واحد من أقوى أعمدة الحكم في السودان، أي مفاوضات وتبادل آراء تصل إلى لب القضايا ولا تقف طويلاً عند القشور وحواجز الاتهامات المتبادلة منذ عقدين بين الخرطوموواشنطن، كل هذا باعتبار ما استجد في الساحة السياسية بالسودان بعد ان صرح الرئيس البشير بأنه زاهد في رئاسة ثالثة، وتركت الدبلوماسية الأجنبية في استقراء الواقع عن شخصية الرئيس الجديد القادم، وإذا كانت أمريكا في اضابيرها الحوار الذي عقده الرئيس الأمريكي «أوباما» مع النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه منذ عامين، الذي يعد مع الدكتور نافع فرس رهان نحو الرئاسة، فإنها في حاجة لفتح مثل هذا الحوار مع أوتاد السلطة.. من ناحية ثانية ربما يكون الغاء الدعوة أو تعليقها لأنه برزت وجهات نظر قوية وفي أوساط فاعلة وقاعدة شعبية عريضة بالتجديد للرئيس البشير، وقام الرئيس بالتأمين على ذلك بأن يكون الترشيح من مؤتمر شورى المؤتمر الوطني القادم الذي سيختاره المؤتمر العام للحزب، وإذا كان مؤتمر الشورى الذي انعقد وانفض منذ يومين كانت تظلله الرغبة في التجديد للبشير فإن التركيبة القادمة للمؤتمرين العام والشورى لن تختلف كثيراً عن الحالية، ومن هنا لأن خط الساعين والمؤيدين لإعادة التكليف للرئاسة سيكون وافراً.. عودة إلى الدبلوماسية فإن الحديث بأن الخرطوم لم تطلب الزيارة لواشنطن ولهذا لا يهمهما إلغاءها .. فإنه محض ردة فعل لم تكن موفقة، لان الحوار في كل الأحوال مطلوب، خاصة وان بيننا وأمريكا مساحات من الغضب وملفات من الشكاوى والكثير من وجهات النظر المتناحرة، كلها تتطلب مثل هذا الحوار ونحن نعلم أن دروب أعداء السودان سالكة إلى البيت الأبيض..