لا أعلم لمَ ترفض الحكومة أن تتوسط حكومة جنوب السودان أو الحركة الشعبية بينها وبين قطاع الشمال أو الجبهة الثورية؟ قدّم الجنوب هذه الدعوة من قبل ومن أرفع المستويات من الرئيس سلفا كير للرئيس البشير ابان زيارته لجوبا وهذا الذي فهم من نتائج زيارة الدكتور رياك مشار نائب رئيس دولة الجنوب. العلاقة بين الجنوب وقطاع الشمال والذي يتوفر على وجود معتبر في الجبهة الثورية لها أسباب تأريخية أقرب لكونها نفسية، إذ يعز على الجنوب التخلي عن حلفائه السابقين. الرئيس سلفا كير قال كلمات مهمة هي انه من وضع رموز وقيادات قطاع الشمال على عتبات العمل العسكري وقام بتدريبهم وهذه إشارة للعلاقة التي تقترب أو هي في حقيقتها علاقة القائد بالضباط أو الجنود وهي أقرب لتكون فيه المخرجات أقرب للتوجيه العسكري المغلف بموقف سياسي من كونها وساطة بالمعنى السياسي أو الحرفي. إنّها يمكن أن تكون مخرجاً للجنوب وفكاً لهذا الرباط القوي الذي استعصى على الإنفراط رغم الضرر الكبير الذي أوقعه على الجنوب وإقتصاده. المرونة مطلوبة كثيراً في العمل السياسي خاصةً إذا قلت فرص الخسارة في وساطة يقوم بها الجنوب مع حلفائه القدامى وبشروط معلومة للجنوب وليست عصية على السودان. ومثل هذه الوساطة سيكون السودان هو الرابح فيها أياً كانت نتائجها وقد تحول معها العلاقة بين الطرفين إلى حال أفضل وسيكون جنوب السودان أقرب للسودان إذا تعنتت الجبهة الثورية في وجه الجنوب. ونجاح الوساطة سبيلٌ لتحسن كبير في علاقات البلدين وفرصة لحل قضية المنطقتين بصورة شافية. الحلول السياسية هي الناجعة في كثيرٍ من حالات الصراع القائم في السودان خاصةً وانها تقوم على موقف عبثي وبلا أُفق من جانب قطاع الشمال وليست له من فرص في تحقيق أيٍّ من أهدافه عبر وسائل العنف والقتال. ومن جانب السودان فإنّ الخطأ في الموقف السهل والإيجابي أفضل كثيراً من تعنت يضيع فرصاً جديداً ويحقن دماءً ويحل أزمة مؤثرة على الجميع وضارة بمواطني السودان ومعهم مواطنو الجنوب.