لم يضع الجيش في مصر حدا للازمة السياسية عندما اطاح بالرئيس محمد مرسي، فمن واقع حركة الاحتشاد الجماهيري وامتلاء الميادين حد التخمة سواء خلال ايام مرسي الاخيرة (مطالبة للاطاحة به)، او بعد الاطاحة به منادية بعودته، يظهر جليا ان الجيش ليس الاداة السياسية الحاسمة تماما لرسم مستقبل مصر السياسي، او محاولة تغيير الواقع. المعركة السياسية في مصر الآن هي معركة ميدان وحشود جماهيرية وليس شيئا آخر.. استطاعت القوى السياسية المعارضة لحكم مرسي ان تحرك مجموعات واسعة من المواطنين وتنظم حركة احتشاد جماهيري واسعة اغرت الجيش بالتدخل والاطاحة بمرسي وتفريق دم شرعيته الدستورية بين البرادعي وشيخ الازهر وبابا الاقباط ومجموعة من الشباب والحرس القديم للحزب الوطني. يبدو ان الاخوان المسلمين انتبهوا لهذه الاداة الفاعلة واستطاعوا امتصاص الصدمة الاولى للاطاحة بحكومتهم، فقد عادوا وبقوة الى الميادين والشوارع واعلنوا انهم مستمرون في الاعتصام حتى عودة رئيسهم المنتخب محمد مرسي، وسيواصلون النفخ في جمرة (الشرعية الدستورية) حتى تظل متقدة ولا تموت.. ولو لم يفعل الاخوان ذلك فإن شرعية حكومتهم ستنتهي بفعل الزمن وبالتقادم. لكن الاسوأ من موت حكومة الاخوان المسلمين المنتخبة، هو موت الحياة السياسية النظيفة في مصر اختناقا، فلو اسرف العسكر في التضييق على الاخوان المسلمين، و مالأ السياسيون الجيش في هذا التضييق عبر سن دستور دون مشاركة الاخوان المسلمين فيه، فإن هذا الاجراء يمنح اسلاميي مصر تذكرة ذهاب بلا عودة الى العمل تحت الارض، والرجوع الى عهود الاسلامبولي ورفعت المحجوب وفرج فودة. بين يدي خبر منقول عن وكالة رويترز يقول ان جماعة إسلامية جديدة أطلقت على نفسها «أنصار الشريعة» اعلنت عن تشكلها في مصر، ووصفت تدخل الجيش لعزل الرئيس محمد مرسي بأنه إعلان للحرب على معتقداتها، وهددت باستخدام العنف لفرض أحكام الشريعة. وقالت الجماعة إنها ستجمع أسلحة وتبدأ تدريب أعضائها، وذلك في بيان وضع على موقع إلكتروني تابع لها أمس الاول الجمعة وأذاعه موقع سايت الذي يتابع مواقع الإسلاميين على الإنترنت. ونقل موقع سايت عن الجماعة قولها في بيان إن تدخل الجيش لعزل مرسي وإغلاق قنوات تلفزيونية ومقتل متظاهرين إسلاميين ترقى جميعها إلى مستوى إعلان حرب على الإسلام في مصر. مصر الآن بين ان تتعامل مع انصار لمرسي على ظهر البسيطة في الميادين والمؤسسات المنتخبة، او مع انصار له في الظلام وتحت الارض.