العديد من القواسم المشتركة تربطنا بأرض الكنانة مصر فالذي لم يتلق تعليمه الجامعي هناك تلقاه في السودان والذي لم يعاصر طه حسين وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس كان قد قرأ كتبهم وروائعهم الادبية في المطبوعات المصرية وحتى المجلات الثقافية والسياسية كان لها تأثير كبير في توسيع مدارك الانسان السوداني ناهيك عن الأفلام والمسلسلات المصرية كفيلم الأرض والناصر صلاح الدين والمسلسلات الخالدة كليالي الحلمية وتلك المسلسلات الدينية الثقافية المميزة مما جعل ارتباطنا بمصر عميقاً وقوياً مقارنة بكافة أشقائنا في الدول العربية الذين نكن لهم كل التقدير والإحترام ، فبعد تلك الزيارات المتقطعة التي كنت اقوم بها لمصر في سنوات الدراسة والإجازة السنوية فقد شاءت الأقدار أن امكث لعشر سنوات كاملات في رحلة التجمع الوطني الديمقراطي مع المعارضة التي كان مقرها الرئيسي مدينة القاهرة ما اتاح لي الفرصة لزيارة معظم المحافظات في مصر لإقامة الندوات والمحاضرات السياسية في منابر رابطة الطلاب الاتحاديين الديمقراطيين ، كما ساعدني العمل الصحفي بجريدة الوفد في توسيع دائرة التعارف بالكثير من الكتاب والأدباء ورؤساء تحرير الصحف والمجلات المصرية .. فكان هناك جمال بدوي رئيس تحرير الوفد عليه رحمة الله وعباس الطرابيلي وسعيد عبد الخالق وابراهيم نافع رئيس تحرير الأهرام الذي شاركته في عدد من الحلقات التلفزيونية السياسية وجلال دويدار رئيس تحرير الأخبار والشعراء أمل دنقل والابنودي والفنان النوبي كرم مطاوع عليه رحمة الله وذلك اللقاء الخاص الذي جمعني بالشيخ الشعراوي عليه رحمة الله .وعلى صعيد الرياضة كنت أشجع الفريق القومي المصري بجانب متابعاتي لكل مباريات نادي الزمالك في تلك السنوات التي بدأتها في مصر عام 1990م وحتى عام 2002م حيث غادرتها إلى الولاياتالمتحدةالامريكية مواصلاً لقراءة الصحف المصرية من المتاجر العربية التي تخصصت في بيع الصحف بجانب الخضروات واللحم الحلال ، وحتى بعد عودتي للسودان بعد غياب ثمانية عشر عاماً فلا زلت أتابع أخبار مصر عبر قنواتها الفضائية إلى أن كانت كارثة الصراع السياسي الذي نشب بين قوى المعارضة اللبيرالية وجماعة الإخوان المسلمين والتي أدت إلى صراع راح ضحيته عدد من ابناء مصر الأبرياء نتيجة لذلك العنف المتبادل بسبب الخلافات السياسية وظللت أتابع الازمة هناك ساعة بساعة متضرعاً إلى الله في ان يحمي مصر من الفتنة والانقسامات حفاظاً على مكتسبات الثورة التي أتاحت الحريات وجعلت للمواطن مكانة وهيبة في وجود العدالة والمساواة التي ظلت غائبة عن الشعب لسنوات طوال ، فالذي يحدث في مصر اليوم يدمي القلوب ويضفي علينا في كل السودان حزناً عميقاً وحسرة على مكاسب ثورة 25 يناير 2011م التي تجسدت فيها الوحدة الوطنية والتحم فيها الهلال مع الصليب محبة بين المسلمين والمسيحيين الى ان حدثت الفتنة التي صنعت شروخاً في جدار ذلك النسيج الاجتماعي المتماسك بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى والتي أتضرع إلى الله في ان تتجاوز مصر تلك المحنة وهي أكثر قوة وتماسكاً لأننا شعب يحب مصر..