ناشدت وزيرة الصحة الإتحادية «تابيتا بطرس» باصدار فتوى للتبرع بقرنية الميت، نظرا لتصاعد حالات العمى بالسودان، ولعلم الوزيرة واعلامها، أننا في «الرأي العام» تحصلنا على هذه الفتوى قبل «3» سنوات، إذ اجرينا تحقيقا صحفيا حول شرعية التبرع بالقرنية، وإفلاس بنك العيون بمستشفى عبد الفضيل الماظ لطب وجراحة العيون بالخرطوم، وعدم وجود أي رصيد به من القرنيات، وأشرنا في سياق التحقيق أن نصف العُمى بالسودان يمكنهم إستعادة البصر إذا زرعت لهم قرنيات. وتقدمنا بطلب (إستفتاء) الى مجمع الفقه الإسلامي- رئاسة الجمهورية تسائلنا فيه عن حكم التبرع بالقرنية أو أخذها من الميت وزرعها في الإنسان الحي.. وبتاريخ 91/11/6002م، إستلمنا الرد من مجمع الفقة الاسلامي، ممهورا بتوقيع بروفيسور «أحمد خالد بابكر»، الأمين العام للمجمع، يفيد بجواز أخذ القرنية من الإنسان الميت إلى الإنسان الحي.. ولفائدة الوزيرة وإعلامها ننشر نص فتوى مجمع الفقه الاسلامي كاملا، مناشدين وزارة الصحة تبني حملة كبرى لنشر ثقافة التبرع بالأعضاء لإنقاذ الالاف من العمى، وبعض الأمراض الأخرى. دائرة الفتوى الموضوع: استفتاؤكم عن حكم أخذ القرنية من الشخص المجهول الميت بعد وفاته ومدى شرعية التبرع بالقرنية الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد. فقد استقرت فتوى جمهور أهل العلم المعاصرين على جواز نقل القرنية من الإنسان الميت الى الإنسان الحي؛ وذلك بشروط خلاصتها: 1- أن تتم عملية أخذ العضو ونقله بكل رفق حفاظاً على كرامة الميت ثم يعاد رتق المكان الذي أخذ منه. 2- موافقة الإنسان قبل موته على تبرعه بأعضاء جسمه، أو موافقة ولي الدم على جراحة قطع العضو من الجثة. 3- ألا تكون العملية خاضعة للبيع، أو أخذ بدل مادي من قبل الميت قبل وفاته أو ورثته. 4- التحقق من موت المنقول منه. 5- تحقق مصلحة المريض المنقول إليه العضو، وأن يكون المتبرع مكلَّفاً. 6- أن تؤمن الفتنة في أخذه ممن أخذ منه. 7- أن تكون العملية بواسطة طبيب ماهر، وأن يغلب الظن بنجاح العملية. 8- ألا يترتب على الإذن بعد الوفاة تمثيل بالميت. 9- يجب أن يتم استقطاع الأعضاء، وزرعها في جسم المريض في مؤسسات رسمية توكل إليها هذه المهمة من قبل الدوائر الصحية المعنية مع الاهتمام بأجهزة الرقابة للتأكد من موت الإنسان وعدم حصول المعارضة وذلك استدلالاً بآيات الضرورة (إلا ما اضطررتم إليه) وأحاديث التداوي، وقواعد الفقه القاضية بأن الضرر الأخف يتحمل لدفع الضرر الأعظم، والضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، والضرر الأشد هنا يتمثل في بقاء الإنسان الحي عرضة للمرض الشديد وللهلاك المتوقع، والضرر الأخف يتمثل في أخذ شيء من أجزاء الميت لعلاج الإنسان الحي، فحرمة الحي آكد من حرمة الميت، وقياساً على فتوى الفقهاء المتقدمين بجواز شق بطن الميت في حوادث اضطرارية، قال النووي رحمه الله في المجموع: (وإن بلع جوهرة لغيره، وطالب بها صاحبها شق جوفه وردت الجوهرة إليه ) (ا. ه) وقال: (إن ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي شق جوفها ؛ لأنه استبقاء حي بإتلاف جزء من الميت، فأشبه إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت) ا . ه وقال ابن عابدين: (حامل ماتت وولدها حي شق بطنها ويستخرج ولدها، ولو بلع مال غيره ومات هل يشق؟ قولان والأولى نعم) أ.ه وعليه فلا حرج إن شاء الله في أخذ القرنية من الشخص الميت المتبرع قبل وفاته، أو من أذن أولياؤه بالأخذ منه بعد تحقق وفاته، والعلم عند الله تعالى. أ.د. أحمد خالد بابكر الامين العام