جاء في الاخبار ان محمد خير حسن وزير الثقافة والإعلام بولاية جنوب دارفور أقر بوجود فساد مالي وإداري بهيئة اذاعة وتلفزيون الولاية مما دعاه الى تغيير الطاقم المالي كله، بجانب وجود شهادات مزورة للعاملين، وأكد الوزير عزمه على إرسال الشهادات الثانوية والجامعية للعاملين لوزارتي التربية والتعليم العالي لفحصها.وأشار الى إيقاف مرتبات الذين قاموا بالتزوير، ونوّه الى وجود عاملين بالاذاعة بدون مؤهلات، وقال إن هيئة الولاية يصلها «96» مليون جنيه من الهيئة الاتحادية عبارة عن فصل أول للصيانة والتشغيل، وتعهد بالكشف عن الذين قاموا بتسريب بعض أموال الإذاعة إلى إذاعات خارجية خاصة «راديو دبنقا» . الى هنا انتهى الخبر، لتبدأ دهشتي تجاه المسؤولين في ولاية تعد من اكثر ولايات السودان اثارة للجدل والاحتراب والصراع ، ومبدأ دهشتي ليس في اكتشاف عملية فساد مالي أو اداري في اي مرفق حكومي ، لكن الغرابة في جملة الاتهامات المخزية التي اوردها الوزير الولائي ونشرتها الصحيفة دون الاخذ بالمعايير المهنية المعمول بها والمحاذير القانونية الواردة في مثل هذه الحالات ، ويطرح هذا الخبر بحيثياته تلك عدة تساؤلات ، يأتي في مقدمتها كيف صبر الوزير كل هذه الفترة الطويلة وهو يعمل مع جهاز اداري لا يحمل اي مؤهلات ومن رحمه الله فهو يعمل بشهادة مزورة ! ؟ وما هي المعايير التي كانت الوزارة تعمل بها في التقييم والحوافز والعلاوات والترقيات وتطوير الاداء ؟ . وما هي القيم التي تدعو لها هذه المؤسسة الاعلامية الكبرى والفعالة وهي ترزح في مستنقع من الفساد والافساد والمخالفات الادارية والمالية ؟ واذا كان هذا هو النمط الاداري في وزارة ملتصقة بقضايا الجماهير فكيف تعمل بقية الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية الاخرى . لقد تحسرت على هذا الواقع وانا اذكر اليوم الذي وصل فيه الرئيس جعفر نميري الى مدينة نيالا عندما كان الاداري القدير المحافظ عبد الرحمن سلمان نصر يضع يومها اللمسات الاولى لمديرية جنوب دارفور يوم اكتمل تشييد محطة الاقمار الصناعية ، وشاهد جمهور نيالا مراسم تنصيب الرئيس الامريكي على الهواء مباشرة في اول ارتباط عالمي الابعاد لتلك المدينة الهادئة في ذلك الزمان . ومما يثير الشكوك في عملية الفساد المكتشفة ان الوزير يقر بان الموازنة التي تصل الى اذاعة نيالا هي 96 مليون جنيه وانها مخصصة للفصل الاول والصيانة والتشغيل بمعنى ان المبلغ يشمل اجور العاملين ومصاريف التشغيل كاملة ، ولا شك ان المبلغ المذكور لا يكفي 5 % من المهام المذكورة ناهيك ان يتبقى منه مال للمتسيبين والمزورين وغير المؤهلين . وتملكني العجب ايضا من ايراد اذاعة دنيا دبنقا وتوجيه الاتهام لها بانها تلقت اموالاً من اذاعة نيالا ، وبالطبع لست بصدد الدفاع عن زميلنا كمال الصادق مدير الاذاعة المقيم بهولندا ، ولكن ما اعلمه ان موازنة اذاعة نيالا التي تصل الى 96 مليون جنيه هي جزء من موازنة الاتصالات الهاتفية للمؤسسات الاعلامية الخارجية ولربما استقام الامر اذا قلنا ان العاملين باذاعة نيالا سطوا بغير وجه حق على الاموال التي قدمتها اذاعة دنيا دبنقا دعما لاذاعتهم الولائية خاصة وان دنيا دبنقا تعتمد على دعم الاتحاد الاوروبي ، ولا يستقيم الامر بطبيعة الحال الا اذا كانت ولاية جنوب دارفور تملك من المال ما لا تملكه المفوضية الاوروبية ودولها الصناعية الكبرى . واذا صحت الرواية فيصبح من الضروري الاعلان عن قيام مؤسسة الفساد في ولاية جنوب دارفور وتعيين كوادر مدربة لها ، على الاقل فستصبح عمليات الفساد معقولة ومبررة ويقبلها العقل والمنطق ثم تصبح بعد ذلك قادرة على استقطاب مسؤولين مؤهلين وشهاداتهم معترف بها ، ولكن هل يستطيع القادمون الجدد القيام بواجباتهم مثلما كانت تعمل هذه المجموعة المغضوب عليها والتي استطاعات ان تدير عملها كل هذه الفترة وهي لا تملك شهادات ولا اموال ولا خطة ادارية فعالة وناجعة .