- 1 - كتبت مقالا بعنوان ( ياسر ثوري بربطة عنق انيقة ) في (الرأي العام) قبل عام او اكثر حينها اتصل بي السيد أحمد هارون مشيداً بالمقال الذي عرّفه بياسر بشكل جيد ... بينما عبر اخ شيخ بالنسبه لي واحبه كثيراً عن استهجانه بالمقال حيث حسب انني قد احتفيت بشخص لا يستحق كل هذا التقدير !!! لم التق بياسر منذ منتصف 1986م وهذا زمان بعيد حدثت فيه تحولات كبيرة لكلينا ولكن بالنسبة لياسر كانت اكثر درامية وتاريخية ... فهو ثوري يساري الطريقة والمنهج ... لا يحب الاسلاميين من يومه ولكن في ذات الوقت يحتفظ ببعض العلاقات بهم ... في ذاك الزمن البعيد كنت انا والمرحوم معتصم الفادني - طيب الله ثراه - اقرب إليه ... وقد كانت تجمعنا هموم وحوارات كثيرة وعديدة . تخرجنا جميعاً في الجامعة التي كنا فيها زملاء وتفرقت بنا السبل ... ورحل ياسر خارجاً ومستمراً على السلطة القائمة آنذاك لكن ياسر عرمان لم يتغير كثيرا في لغة الخطاب التي تعود عليها في أركان نقاش جامعة القاهرة بالخرطوم ... ركن النقاش يعلم كوادره الهجوم الدائم على الخصم وبطريقة استفزازية قد يكون « ياسر « قد تغير قليلا ولكن ما زال يحتفظ ب « نفس « النبرة الحارة ... يبدو ان قبيلة « اركان النقاش « حتى من الاسلاميين كانوا بذات الصفات إلا انهم أكثر وداً اذا احبوا ... وهذه ميزة نادرة . -2- من الحوارات اللافتة الحوار الذي اجراه الاستاذ ضياء الدين بلال مع ياسر عرمان والذي بدا فيه مدافعا عن مواقفه التي تبدو للعديد من الناس انها عدائية مع الانفصال تارة او تشاكس قيادات المؤتمر الوطني... بما ينظر اليه (اولاد الشمال) وبحكم موقعه رئيساً لقطاع الشمال لم يحمل اشواق الشمال للوحدة ، ولم يؤثر تأثيراً ايجابياً في الحركة الشعبية ان تبسط الشعارات التي تنادي بها في الجنوب الذي تسوده الديكتاتورية والفساد وعدم الشفافية وغيرها من الشعارات التي تتباكى عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تنادي بسودان جديد يعيش فيه المواطن بحرية ومساواة ويتطلع الى عدالة حقة ... هذا أقل ما نادت به الحركة الشعبية في أدبياتها و تنظيراتها الاساسية ... ولما استلمت مقاليد الحكم في الجنوب كاملا غير منقوص استعرضت عضلاتها ضد حلفائها ومناوئيها على السواء واخذت اسباب القوة بعيدة عن رؤى الديمقراطية وفضاء الحرية ... ثم استثرى الفساد بصورة لافتة فابتعدوا عن الحكم الرشيد .... ياسر عرمان « شمالي « اماً واباً اعتلى مركزاً مرموقاً في الحركة الشعبية التي كانت تحمل افكاراً تناسب طموحه الثوري ولكن مثلما انهزمت الافكار الكبيرة في التطبيق تخصص ياسر في الهجوم على غرمائه الإسلاميين وترك مسألة الإصلاح السياسي والتنمية في الجنوب تماماً وركز كل مواهبه في الهجوم على الاسلاميين فبات الامر مجرد مكايدات مع الشريك الأساسي المؤتمر الوطني مما ذكر الجميع بأن ياسر عرمان لم يترك مقعده في جامعة القاهرة بالخرطوم . مع أنني ادرك جيداً ان هذا الحديث فيه تجني أكثر من اللازم ولكنها الحقائق عندما تبدو خالية من كل المساحيق !!! -3- أما تنامي الرغبة في الانفصال عند الشماليين فياسر عرمان مسؤول مسؤولية مباشرة حيث انه من موقعه الحزبي كرئيس لقطاع الشمال قد فشل في الحفاظ على الحس الوحدوي عند الشماليين ولم يستطع ان يسوق جيداً شكل الجنوب الجديد لدى الشماليين في ظل قيادة الحركة الشعبية التي لم تستطع فعل شيء من كل شعاراتها في الحرية والمساواة والعدالة و الحكم الرشيد في البقعة الجنوبية التي تحكمها حكماً عتيداً قويا لا نزاع فيه مع أية قوى اخرى ... عذرًا يا صديقي قد كلفتك أكثر مما تحتمل ولكن الشهية المفتوحة لمحاولة اغراق المؤتمر الوطني في أية مسألة انسى قادة الحركة الشعبية عوراتها الكثيرة والمتعددة من بسط لحكم مثالي في جنوب السودان يجعل من كوادر الحركة الشعبية في الشمال الاعتزاز ومحاولة نقله بالقدوة الحسنة للشمال او بإخراج المؤتمر الوطني الحزب الكبير كما يدعي . فحكومة جنوب السودان عند الكثير من المراقبين فشلت فشلاً ذريعاً في الحكم ناهيك عن سقوط مريع في خلق وحدة شعورية بين الجنوبيين أنفسهم لتنمية الجنوب وإزالة آثار الحرب واقامة مؤسسات لدولة تستطيع الحياة لو انفصل الجنوب !!! عذرا يا صديقي ولكن كنت اطمع في جيلي وأنت احد افراده المميزين رغم الاختلاف لان يوما ما لم يفسد للود بيننا ان لا يقسم السودان بأيدينا.... وفي تقديري ان لك مساهمات حية وعميقة وشرسة في هذا الإطار لو حاولت ذلك ... أرجو ان تحاول بصدق !!!