جمهور العلماء ذهبوا إلى أن الأكل من الأضحية مندوب، لقوله صلى الله عليه وسلم (فكلوا وادخروا وتصدقوا) .. وعند الحنفية يأكل صاحب الأضحية ثلثها ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها .. لكن قلة الدخل وقلة الحيلة التي ضغطت على جيوب وأعصاب الناس في أيامنا هذه، حولت الأكل (المندوب) إلى (مفروض) .. وزاحم الشعور بضيق ذات اليد، والتعب في تأمين حق الأضحية زاحم ثلثي الهدية والصدقة .. فبات عيد الأضحى عندنا هو مهرجان لأكل اللحوم حتى الشبع، عند المستطيع، ويوم من أيام العوز التي تشبه بعضها عند الفقراء ! .. لخلق التوازن المجتمعي الشرعي المطلوب بين المستطيع وغير المستطيع، ولتعميم فرص تذوق اللحم لغير المستطيع، بدأت منظمة بنك الطعام السوداني نشاطها العام الماضي من أجل عيد بلا جوعى .. ك (مبادرة اجتماعية تكافلية، تقوم علي حراك المجتمع ومساندة بعضه البعض) .. وحققت العام الماضي نجاحاً عظيماً في إيصال اللحوم إلى مستحقيها من الفقراء .. جمعت المنظمة العام الماضي حوالي ثلاثة آلاف طن من اللحوم .. وكان المستفيدون منها قرابة الاثني عشر ألف محتاج .. وزع عليهم بنك الطعام أكثر من ثلاثة آلاف كيلو .. من مساهمين تجاوزوا الثلاثمائة ألف مساهم .. هذه السنة يحشد بنك الطعام طاقاته لإطلاق مشروع عيد بلا جوعى في سنته الثانية .. مستهدفاً شرائح المجتمع المعوزة من أرامل وأيتام ومساكين ,ويقوم المشروع علي تبرع المقتدر بجزء من أضحيته ويقوم متطوعو البنك بجمع اللحوم ومن ثم توزيعها علي المحتاجين .. للبنك أكثر من خمسين مركز بمواقع إستراتيجية بأحياء وشوارع ولاية الخرطوم .. وخيارات التبرع المتاحة هي الأضحية أو قيمتها نقداً .. أو ثلث الأضحية .. أو بما تيسر من اللحم ! .. بنك الطعام استحدث طريقة حفظ وتخزين جديدة للحوم تعتمد على تفريغها من المواد اللي تسبب سرعة الفساد وتساعد على حفظها بحال ممتازة مدة تتجاوز العشرة أيام .. بنك الطعام يستهدف ضمن شرائح المحتاجين دور العجزة .. ومؤسسات الأيتام والسجون والأحياء الفقيرة التي لا يقدر أهلها على الأضحية .. في العام الماضي وفي بواكير إطلاق هذه الحملة جاء إلى بنك الطعام أحد أئمة المساجد، وأخبر القائمين على هذا المشروع بأن أهل الحي الذي يسكن فيه بما فيهم هو لم يضحوا لعدم استطاعتهم .. ذهبت عربات بنك الطعام إلى ذلك الحي الفقير . وخصصت لأهله يوماً .. ووزعت لهم كميات وافرة من اللحوم .. ومثل هؤلاء كثر .. وما أكثر فقراء بلادنا النبلاء الذين تحسبهم أغنياء من التعفف ! .. (إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس، حببهم إلى الخير، وحبب الخير إليهم، أولئك الآمنون من عذاب الله يوم القيامة) .. ويسألون الرأي العام دعم هذه المبادرة لإعلاء قيمة التكافل .. لمؤسسة الرأي العام الخيرية .. ومؤسسات المال ورجال الأعمال .. ولكل من يملك (حق خروف) .. دعوة إلى التكافل من أجل عيد للجميع .. عيد بلا جوعى !