الجمعة اليتيمة تقليد عند أهلنا في مناطق السودان المختلفة وهي آخر جمعة في رمضان تشاهد فيها مسرحا نشطا يرسم ملامحه كل الناس بالحي او القرية أوالمدينة أطفال وشباب وشيوخ ونساء وتذبح في هذا اليوم الذبايح للمستطيع ومن لم يستطع بالاشتراك مع الجيران والأحباب والاهل ولا يوجد في هذا اليوم محروم فالمعدم يصله النصيب من الذبائح .. و يعتقد أهلنا في السودان أن الموتى في آخر جمعة من رمضان ينتظرون الرحمة من الأبناء والاهل المتمثلة في هذه الذبائح ويسمونها ب(الرحمتات) او الجمعة اليتيمة .. ويدعى الصغار لهذه الولائم ويسمعون من الكبار قصصا عن أقارب لهم قضوا نحبهم قبل إن يشاهدوهم ويدعون لهم بالرحمة والمغفرة لهم باعتبار ان الأطفال دعواتهم مقبولة وتصل السماء وأنهم لا إثم عليهم لذلك يحظون باهتمام كبير ودعوات بالجملة فما من مكان تجمع لهم إلا وتشاهد طعاما في وسطهم ، يلتفون حوله في حلقة كبيرة وأصواتهم تعلو بالشكر والحمد وهم يرسمون صورا لحال الموتى وهم ينتظرون هذه الوجبات التي يتتاولونها نيابة عنهم. فالرحمتات هي ذبيحة تذبح في آخر خميس من شهررمضان وإعتاد السودانيون أن يحتفلوا بيوم (الرحمتات) من كل عام والاسم الحقيقي لذلك اليوم هو (الرحمة تأتي) وبمرور الزمن تم اختصار الكلمتين في مفردة واحدة ..وكثيرون منا في هذه الايام يجترون الذكريات الحبيبة إلى القلب وخروج الصبية في ذلك اليوم يطوفون على بيوت الحي ويطرقون الابواب ويصيحون وكان الأهالي يقومون بتوسعة في الأكل والشراب ليعطوا كل من يطرق الباب نصيبا من الطعام والشراب ويقوم الميسورون بنحر الذبائح وتوزيعها على الفقراء والمساكين والمحتاجين وتنتشر السعادة بين الناس في ذلك اليوم الذي تتنزل فيه الرحمة من كل مكان وأهم ما في الأمر أن ذلك الإحتفال كان يضم كل معاني التكافل والتآزر والتعاضد .. فهي عادة درج عليها الشعب السوداني واختلفت تفاصيلها من منطقة لأخرى وكثير من الأسر يقومون بتوزيعها على الفقراء والأطفال وبعضهم يجعلونه في الخميس الاخير من رمضان والبعض الآخر في الجمعة اليتيمة ويتم في هذا اليوم أيضا زيارة المقابر والترحم على الأموات وقد إختلف فيها العلماء ..و يعمل على إخراج الطعام إلى المساجد والخلاوي والبعض الآخر يعمل على تخصيص مبلغ من المال ويوزعه على المحتاجين والفقراء وحتى الأطفال لم يكونوا بعيدين من ذلك الخير الذي هو في الأساس الغرض منه إشراك ذوي الدخل المحدود والمحتاجين في خير رمضان الوفير.