خروف العيد ... أصبح كلام الناس في كل محفل ومنتدى، الأسعار أصبحت (خرافية)، كانت تنسب الى (خرافة) الذي اختطفته الجن وعاد الى اهله يحكي عن مشاهداته التي كانت في رأيهم (خرافية) فصار أي أمر أو حديث غريب لا يصدق ولا يخطر على قلب بشر أن يكون من الأحاديث الخرافية، وكذا الخرافات والتخريف، فالشخص الذي يهذي بكلام غريب عن الواقع، لا يصدق ولا يقبله العقل، صار حديثه وكلامه يوسم بأنه من الخرافات أو (التخريفات)، ولما كانت أسعار الخراف لا تصدق فمن المستحسن وتقريبا للمعني لدى أطفالنا الصغار وشباب اليوم أن (نسودن) المثل وتكون نسبة خرافي الى (خروف) وليس خرافة. ومهما يكن من شئ فإني من الأشخاص الذين لا يصدقون ولا يتصورون تلك الأسعار الخرافية للخراف، ذلك لأني عشت زمانا كان الخروف فيه يباع بتراب (القروش)، وكان خروف العيد في متناول جميع سكان فريقنا أو حينا، كان رب الأسرة لايهتم بتوفير وشراء خروف العيد فمرتبه، والحمد لله، يساوي عدة خراف، خلافا لرواتب اليوم (السجمانة)، وكنا لا نصدق ايضا أن هناك أقوام ربما في دول الجوار لا يستطيعون توفير خروف العيد ويكتفون بعدة كيلوجرامات من اللحم نظير سد الرمق، بل حتى تلك الكميات البسيطة كانت صعبة المنال. كان السودانيون يلعبون باللحم، لا تخلو (طبخاتهم) أو وجباتهم الثلاث من طبق اللحم بشتى أصنافه، كباب، محمر، مشوي، مقلي في (الصاج)، كما أن مناسباتهم الاجتماعية من (سماية) و أعراس ودعوات (عزائم) وضيافة كانت تعتمد في أساسها على لحوم الخراف (الضأن)، وكان خروف العيد، لدى العديد من الأسر، يكون من (الزريبة) الملحقة بالبيت التي توفر للعائلة اللحوم بما فيها لحوم الدجاح والبيض والألبان ومنتجاتها، يعني بصريح العبارة ينطبق عليهم القول (زيتنا في بيتنا). ذلك البلد الذي يتمتع بثروة حيوانية هائلة... هل تكون فيه أزمة لحوم، شاهدت تقريرا في إحدى القنوات الفضائية المحلية عن الثروة الحيوانية في ولاية شمال كردفان فقط التي تقدر بخمسة وعشرين مليون رأس؟؟؟؟، اذن فالثروة متوافرة، والخريف كان ما شاء الله يعني العلف والمراعي متوافرة لذلك الكم الهائل والمراعي طبيعية لا تكلف شئيا، اذن أين الخلل؟؟؟؟ وفضلا عن ذلك هذا اقليم واحد منتج بالاضافة الى عدة مناطق أخرى منتجة للخراف. يسروا ولا تعسروا الأضحية عبادة يتقرب بها العبد الى الله سبحانه وتعالى يبتغي مرضاته وطاعتة ويقتدي فيها المسلم بسنة رسوله الذي قيل انه ضحى بكبشين أملحين (الاملح الذي فيه البياض غالب على السواد، والله أعلم) أفرنين واحد عنه وآل بيته والآخر عن أمة محمد. وليس الغرض منها مجرد عادة يقصد بها المرء الاحسان الى أفراد عائلته أو ارضاء صغاره، او غيرهم كما يفعل البعض. وعند جمهور العلماء هي سنة مؤكدة للمستطيع القادر بحيث يكون ثمنها فائضا عن حاجته. وهي توزع على ثلاث أجزاء كما جاء في الحديث ثلث لآل بيت المضحي وثلث يتصدق به للفقراء والثلث الآخير يهدى للأقربين والجيران ولابأس ان اكلها كلها حسبما تفضل به العلماء الأجلاء. اذن لماذا كل تلك الأقوال و (التخريجات) طالما أن المرء لاتقع الأضحية في دائرة استطاعته وقد اشترط الشارع ذلك على صاحب الأضحية، علما بأن الدين يسر وما خير رسول الله في أمرين الا اختار أيسرهما، وهو القائل بشروا ولا تنفروا، يسروا ولا تعسروا، فطالما أن الشارع قد رخص لغير المستطيع تلك الرخصة فلماذا نضيق على انفسنا ونحن في (سعة) من أمرنا و (سماحة) اراد بها الشارع أن يبعدنا عن شبح (التهلكة) أو (التقسيط) الذي هو وان كان (مريحا)، كما يشيع البعض فهو لا يخرج عن نطاق (الدين) الذي تعوذ منه نبينا صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح و (غلبة الدين). فطالما في الأمر سعة ورحمة، لماذا يحاول بعضهم (التضييق) على عباد الله و (كسر) أو (لف) عنق الحقيقة، خائضين بعيدا عن الأسباب الحقيقية التي من أجلها أصبحت (الأضحية) بعيدة المنال ومستعصية على العديد من الناس لا سيما ذوي الدخل المحدود؟؟؟؟ الحج خارج نطاق المزايدة والاستثمار ليس سعر الأضحية أو الخراف هو الذي صار وحده (خرافيا)، ولكن هناك مسألة صمت عنها الكثيرون وهي تكلفة الحج والعمرة، فقد علمت أن كليهما صارت تكلفته تخرج عن نطاق متوسطي الحال، وقد ارتفعت تكاليفهما بشكل مخيف للغاية، فالحج قد تجاوز العشرة ملايين جنيه، كما أنه أصبح في حكم (التسييح) لا التسبيح (بالباء)، أعنى صار سياحة وليس عبادة ودرجات تقاس (بالنجوم) كما في الفندقة. والله أشفقت على الذين لم يتمكنوا في السابق من أداء فريضة الحج التي ستصبح بالنسبة للغالبية العظمى من الناس في حكم (المستحيل)، الا من رحم ربي، فالاستطاعة التي تأتي في قمتها القدرة المالية هي المعيار الأول الذي يحدد امكانية وقدرة الشخص على أداء تلك الفريضة السامية، وبدون شك فان هذا الرقم المخيف سيبدأ، دون شك، في التضخم عاما بعد عام وبشكل متوالي، لأنه من المفهوم أن أي سلعة أو خدمة ارتفع سعرها فإنها بالطبع ستخضع لقانون السوق السوداني، الذي يقضي بتوالي التضخم واستدامته، وبالتالي سيؤدي ذلك الى تناقص المستطيعين القادرين على أداء تلك الفريضة. فماهو المخرج، وما هي التدابير التي من شأنها العمل على تخفيض تلك التكاليف الباهظة وامكانية اخضاعها لدراسة لفحص الأسباب الأساسية وراء ارتفاع تلك التكلفة بذلك الشكل المخيف. هل أضحت المسألة تجارة أم استثمار يقف حجر عثرة أمام رغبات العديد من الناس الذين يرغبون في اداء تلك الشعيرة؟، اذن الأمر مطروح للنقاش وبساط البحث بإعادة النظر في (الهيكلة) التي تبعد الحج عن جشع تلك المؤسسات والهيئات السياحية وتخرجه عن نطاق كونه عبادة وشعيرة دينية، يجب أن نذلل ما يكتنفها من صعاب وعوائق و (منغصات) لكي نبعدها من تلك الدائرة الضيفة الى رحاب أوسع حتى نجعلها في متناول الجميع أو على الأقل شريحة عريضة من الناس الذين يحدونهم الأمل في تحقيق رغباتهم لأداء تلك الفريضة الاسلامية الهامة.وبالله التوفيق. alrasheed ali [[email protected]]