اعلنت ولاية بنسلفانيا الامريكية بيع أسهمها فى استثمارات الشركة الصينية للنفط بالسودان والتي تقدر بمبلغ «1.2» مليون دولار امريكى. وقال وزير الخزانة بالولاية انه بات من غير المعقول الاستمرار فى استثمارات من شأنها تعزيز مناعة نظام يمارس الابادة الجماعية ضد مواطنيه، وبشر وزير الخزانة بتخلى الولاية عن استثمارات اكبر فى شركات نفطية عاملة بالسودان، مثل شركة (ويثرفورد انترناشيونال) وشركة (شلومبرقير). وتبلغ استثمارات الولاية بالشركتين «13.6» مليون دولار. ومع مطلع العام الجديد وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش، قانوناً يقضي بمنع الشركات الأمريكية من الاستثمار في أربعة مجالات رئيسية في السودان، وهى، مشروعات إنتاج وتكرير النفط، ومشروعات إنتاج الطاقة، إضافة إلى المشروعات بقطاع التعدين، فضلاً عن التجهيزات والإمدادات العسكرية.القانون يندرج ضمن سلسلة من قوانين واجراءات عقابية اصدرها بوش لمحاصرة الحكومة السودانية اقتصادياً بحجة ان مداخيل السودان من انتاج النفط وسواه تذهب لصالح شراء السلاح والعتاد العسكرى الحكومى فى نزاعه مع متمردى دارفور. القانون حظي بمناقشات مستفيضة داخل مجلس الشيوخ الأمريكي قبل اجازته نهاية العام الماضى، وهو يحظر على الحكومة الأمريكية التعاقد مع شركاتٍ تستثمر في السودان، في إجراءٍ يهدف إلى معاقبة الحكومة السودانية على ما تصفه واشنطن ب «الإبادة الجماعية» في دارفور، لكنه استثنى من ذلك الاستثمارات التي تتم مع حكومة جنوب السودان. وقد تقدَّم بالتشريع الجديد السيناتور الديمقراطي كريستوفر دود (الذي يمثل ولاية كونيتيكت)، ويرأس لجنة الإسكان المصرفي والشئون الحضرية في مجلس الشيوخ. والذى قال : «هذا التشريع يُمكِّن الأمريكيين من ممارسة حقوقهم كمستثمرين ودافعي ضرائب ومتقاعدين بسحب الاستثمارات من المشروعات التي تسهم مباشرةً في العنف والبؤس الذي يعاني منه مئات الآلاف من سكان دارفور الأبرياء». بنسلفانيا سبقتها ولايات كثيرة وجامعات امريكية وبريطانية استجابة لحملة دولية تعتبر ان الأموال التى تجنيها الشركات من الاستثمار فى السودان، ملطخة بالدماء. ويشاطر اصحابها الحكومة السودانية المسئولية فى تدهور الاوضاع الانسانية فى دارفور، وبتجفيف منابع مظان القوة الاقتصادية للحكومة السودانية وان يسهموا فى رفع المعاناة عن كاهل اهالى دارفور ضحايا النزاع المسلح بين الحكومة وحركات التمرد، ويرصد المراقبون حوالى (02) ولاية امريكية بدأت تنفيذ شكل من أشكال تصفية الاستثمارات في الشركات التي تتعامل مع السودان، أو لها أنشطة في السودان. ونجحت الحملة الى حد ما فى حشد عدد كبير من المؤسسات اغلبها حكومية فى صف المنسحبين من قطاع الاستثمارات مع السودان، ووصلت حمى المقاطعة الى اوربا حيث اعلن يوم الخميس الماضي صندوق المعاشات الهولندى عن استثناء الشركة الصينية للنفط عن استثماراته البالغة «921» مليون دولار، لأن الشركة وفقاً للصندوق ( تعمل فى السودان وهو بلد تنتهك فيه حقوق الانسان)، وقال الصندوق الهولندى انه قرر التوقف عن الاستثمار فى الشركة الصينية بعد محادثات مع الشركة لم تسفر عن اي تغيير جوهرى. ويذهب دونالد باين عضو الكونغرس الامريكى واكثر المتشددين تجاه السودان الى دعوة المجتمع الدولى الى منع السفن من الدخول الى او الخروج من ميناء بورتسودان لفرض حصار اقتصادى كامل على حكومة السودان. العقوبات الامريكية الاقتصادية على السودان ليست جديدة، ولكن السؤال عن فاعليتها بات يطرح فى اكثر من منبر، ويبدو ان الحكومة السودانية اتخذت تحوطات مسبقة لتداعيات العقوبات الامريكية على السودان، بالاعتماد فى انتاج وتسويق النفط على الشركات الآسيوية واخيرا اتخذت قرارا بالتحول من التعامل بالدولار الى العملات الاوربية. التعقيدات التى تضعها الولاياتالمتحدة امام الاستثمارات الاجنبية بالسودان تهدف من خلالها ضرب عصفورين بحجر واحد، الخرطوموبكين. بحسبان ان الصين اكبر المستثمرين فى النفط السودانى، ويلاحظ ان ولاية بنسلفانيا الامريكية والصندوق الهولندى للمعاشات استهدفا شركة واحدة هى الشركة الصينية للنفط ، وبالتوازى مع الضغوط الاقتصادية تنشط حملة اعلامية يقودها نجوم هوليوود وناشطون ومنظمات مناهضة لحقوق الانسان لمقاطعة دورة الالعاب الاولمبية التى تنظمها بكين هذا العام، متهمين إياها بمساندة الحكومة السودانية فى الابادة الجماعية المزعومة بدارفور، ولكن ربما لحسابات تجارية بحتة فارق رئيس الوزراء البريطانى غوردن براون هذا الاجماع فى تعنيف بكين وتحميلها وزر مأساة دارفور، وذلك عندما اعلن فى بكين نهاية الاسبوع الماضي عن رغبة بلاده فى ان تصبح المكان المفضل للاستثمارات الصينية في اوروبا والعالم اجمع. ودعا براون الصين الى ان تفتح في بريطانيا اول مكتب لصندوق (مؤسسة الاستثمار الصينية) في الخارج والذي دخل حيز العمل في نهاية سبتمبر برأسمال قدره «200» مليار دولار مصدرها احتياطات النفط في الصين التي بلغت «1530» مليار دولار في نهاية سبتمبر. ورحب براون «بالشراكة الاستراتيجية للمستقبل» مع الصين، واصفا اياها بأنها «دينامية وكاملة». وتعتزم بريطانيا ايضا تشجيع الشركات الصينية لدخول اسواقها المالية. وكان براون بحث مع رئيس الوزراء الصيني وين جياباو الوضع في دارفور واتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، وقال رئيس الحكومة الصينية «يأمل البلدان ان يطبق الجنوب والشمال اتفاق السلام».