«لئن تجادل موضوعاً دون ان تحسمه، خير لك من أن تحسم موضوعاً دون ان تجادله» جوزيف جوبيرت *ما ينفك يثير دخاناً وجدلاً وفكراً كثيراً. تكمن قوته في قدرته النادرة ان يكون قائداً للتيار ومتمرداً عليه في اللحظة نفسها. قائداً لدولة «النظرية»، وأكير مهدد لاستقرارها في الوقت ذاته. ماركسي نشيط ضمن مظلة اليسار الجديد، وكاثوليكي في آن واحد. يشرب شاي الصباح مع الخبز المحمص وأمامه «الإنجيل» و«رأس المال» وكتابه الأشهر «مدخل إلى النظرية الأدبية». قادماً عرف في السبعينيات بتيار الماركسية - الأكاديمية «الماركسية والنقد الأدبي ، النقد والايدولوجيا 1976». لا يهمه كثيراً ان يكون غير موضوعي أحياناً، ويشتم خصومه بألذع الكلمات. لا يمكنك أبداً ان تتنبأ بالطريقة التي سوف يرد بها على خصومه. أكثر من أربعين كتاباً. في كتابه الأخير «2009» عاد مرة أخرى إلى اللاهوت، مذكراً بدعوته السابقة إلى تكوين لاهوت لليسار البريطاني الجديد «كتابه: نحو لاهوت لليسار الجديد». يهاجم ما بعد الحداثة في كتابه الشهير «أوهام بما بعد الحداثة 0996»، ثم يعود مرة أخرى ليكتب في إطارها كتابه «ما بعد النظرية «2003». إذ أن معاينة الدعامات التي تنهض عليها النظريات الكبيرة، يعد ضمن أهداف واشتغالات ما بعد الحداثة. لكن نقده للنظرية، يبدو أيضاً مختلفاً من نقد ما بعد الحداثويين لها. * تيري إيقلتون هو أكبر ناقد بريطاني على قيد الحياة. وهو الأكثر تأثيراً فيها.. ربما.. منذ ت.س. إليوت. تتكون النظرية عنده من المزج الدقيق بين الدرس الثقافي والدرس الأدبي. لكن ما بعد النظرية هي عبارة عن اتجاه لنقد النظرية، باعتباره في حد ذاته نقداً تحتاجه النظرية باستمرار، أو باعتباره في ذاته سلاحاً وآلية نقدية فعالة. ما بعد النظرية هي نظرية النظرية. ما بعد النظرية هي معاينة حركة الخطاب النظري الأدبي بشكل وسيم وذكي وحساس. هو يعتقد أن النظرية يجب ان تترك «نرجسيتها» الباذخة ودورانها حول «معبدها» السجيح. * وفي الكتاب ثمة فحص مهم للبين - معرفية «interdisciplinarity» التي تلعب دوراً مركزياً في النظرية الأدبية الحديثة والنظرية النقدية بالمعنى الفرانكفوني الذي لا يقيم حاجزاً بين الدرس الثقافي الاجتماعي والدرس الادبي. لكن، إيقلتون أمن أيضاً في «ما بعد النظرية»، على ضرورة ان تستمر النظرية النقدية في الانفتاح المعرفي. بصوغ آخر، ما بعد النظرية هي محاولة لإعادة هيكلة النظرية. محاولة لإعادة تنظيم العلاقة بين الدرس الثقافي والدرس الأدبي.. ذلك الدرس الذي برع فيه ايقلتون بشكل لا يكاد يكون له فيه ضريب. ومن ثم ترتيب العلاقة بين الثقافة والأدب «بين النقد الثقافي والنقد الأدبي» في إطار سياسة علاقات جديدة. * وكيفما تتجه الأمور، فإن «ما بعد النظرية» تبقى رؤية رائعة وتدل على حيوية الفكر النقدي العالمي، والمدى البعيد الذي وصله العقل النقدي الراهن.