تدافع منسوبو جماعة أنصار السنة المحمدية من ولايات السودان كافة في العاشرة من صباح أمس السبت إلى أرض المعسكرات بسوبا للمشاركة في إنعقاد المؤتمر العام الإستثنائي الثاني عشر لأنصار السنة الجهة الأعلى دستورياً والتي تنتخب الرئيس العام للجماعة، وشهد جلسة الإفتتاح نحو (3) آلاف مشارك، منهم نحو (2700) أعضاء المؤتمر العام، بجانب حضور سياسي ودبلوماسي كبير، تقدمه حسن عثمان رزق عضو المكتب السياسي للمؤتمر الوطني ممثل نائب رئيس الجمهورية، والصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وعدد من ممثلي القوى السياسية. ----- ودعا الرئيس العام للجماعة المكلف د. إسماعيل عثمان محمد الماحي الذي قدم كلمة ضافية في الجلسة الإفتتاحية ، دعا الحكومة للتيسير علي الناس في معاشهم وقضاياهم الحياتية وجدد مبادرة الجماعة للتواثق والإجتماع علي ثوابت يحميها الجميع تضم دين وأخلاق وأمن وثروات السودان، وقال إنها مبادرة للجميع نقبل النصح فيها وندير الحوار حولها حتي تصبح تياراً عاماً، من خلال الحوار والشورى والجدال بالحسنى وان يكون الاختلاف بين السودانيين اختلاف برامج، وجدد عهد الجماعة بالإستمرار في التميز العلمي والإجتماعي لمساعدة المحتاجين وكفالة الايتام والمشاركة والاحساس بمشكلات وقضايا السودانيين. ومضى إسماعيل لتبرئة الإسلام( من الذين يفجرون ويقتلون الأبرياء باسم الدين ولو كان ذلك في بلاد غير المسلمين)، ونوه لتمتع غير المسلمين في السودان بكافة حقوق المواطنة. وشدد الماحي علي ضرورة التصدي للهجوم المنظم علي شباب المسلمين لإغراقهم في الفساد الأخلاقي. وشهدت جلسة الإفتتاح طرحاً موضوعياً وروحاً وفاقية لإعلاء الإجماع حول ثوابت الوطن، واتحاد أهل القبلة، ودعا الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي لقفل المنافذ التي تجعل الاجنبي حائراً في أمر السودانيين، ورأي أن الاعداء لم يدخلوا من حدودنا ولكنهم تسربوا كالنمل عبر عيوبنا وقال: جزء كبير من تدابير الخارج تمر عبر هذه العيوب الداخلية، وطالب بالتفكير الجماعي لايجاد مخرج للبلاد من الخطر الكبير الذي يحاك ضدها ويتهددها حالياً، داعياً إلي التخلي من الرضا عن الذات، وللخروج من مفاهيم الوراثة للتناوب علي المسؤوليات عبر الشورى، وأن تتسع هذه السنة لتشمل كل قنوات العمل الإجتماعي من طوائف وقبائل ومنظمات باعتبارها مخلصة من الإستبداد. وكذلك مضت دعوة حسن عثمان رزق ممثل علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، امين عام الحركة الاسلامية لجعل الوحدة الاندماجية بين كل الطيف الاسلامي هدفاً وغاية يسعى لها الجميع بالتدرج، مع اعتماد مبدأ التنسيق بين الجميع ونبذ العصبية وتغليب مصلحة الوطن، وأشار الى أن مؤتمر الجماعة سيكون نقلة للعمل الاسلامي الخالص، وهو رضا أمن عليه د. عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم عن دور الجماعة في تنشئة الشباب والنهضة بمنهاج الدعوة الى الله. وبدا أن مؤتمر الجماعة جمع وأوعى في جلسته الإفتتاحية مؤكداً على تواصلها مع كافة العناصر النشطة في الساحة، فخاطب الجلسة الشيخ حسن أبو سبيب باسم مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي ودعا الى ترك الفرقة والشتات ووضع الايدي معاً لبلوغ الاهداف. وكشف الامين العام لجماعة انصار السنة د. عبد الله التهامي ان المؤتمر الاستثنائي سينتخب رئيساً عاماً للجماعة خلفاً للشيخ مرغني عمر الذي توفى في يونيو الماضي ويتداول حول الوضع السياسي الراهن وقضايا اخرى، وأشار الى ان المؤتمر يضم مصعدين من كل انحاء السودان وعضوية الجماعة بالخارج، وأنه أعلي جهة دستورية في الجماعة. ودلفت أنشطة المؤتمر عقب الجلسة الإفتتاحية إلى إجتماع المركز العام الذي اختار الأسماء المرشحة لمنصب الرئيس العام، تلاه المؤتمر العام الذي يحدد المرشح بصورة نهائية. ويرجح مراقبون أن منصب الرئيس العام الذي سيعلن اليوم الاحد ربما جاء بدكتور إسماعيل نفسه ليظل في منصبه، نظراً لقيادته الجماعة بصورة مرضية في الفترة الماضية، وتحقيق الكثير من المكاسب من خلال إدارته التي وصفها مراقبون بأنها جيدة رغم بعض الإنتقادات والهنات، لكن من المتوقع أيضاً أن يكون هناك منافسون جيدون للشيخ اسماعيل، وقد ترجح كفتهم، من قيادات الجماعة المتمرسة، والتي لها باع طويل في هذا الجانب، وبرزت بعض الأسماء التي يمكن أن تصلح في قيادة الجماعة، مثل د. احمد محمد طاهر كأحد أبرز المرشحين لتولي المنصب، وهو أمير الجماعة بشرق السودان وصاحب شخصية مقبولة من الجميع، بجانب خبرته وحمله درجات علمية عالية، وله الكثير من الأسهم التي تجعل منافسته لدكتور إسماعيل واردة بل وفوزه أيضاً، بجانب أسماء أخرى كالدكتور محمد الحسن عبد الرحمن الحاج، ود. عمر أحمد التهامي، وكامل عمر البلال والشيخ عبد الرحمن عبد الجليل أحمد، الذين قد ينافسونهم. ويرجح مراقبون أن يقفز المؤتمر العام للجماعة قفزة نوعية في حال ترشح د. يوناس بول دي مانيال، وهو من الشخصيات الجنوبية الكبيرة، يحمل دكتوراة في العلوم السياسية، وعميد قسم العلوم السياسية بجامعة الأزهري سابقاً، ونائب والي اعالي النيل السابق، والملحق في سفارات السودان في أوروبا، ويحمل دي مانيال تاريخاً جيداً في نشر الدعوة خاصة في الجنوب، وعمل أميناً سياسياً للجماعة وكان مرشحها للانتخابات البرلمانية عن احدى دوائر الخرطوم العام 1985، ويحظى بقبول واسع من الجهات كافة، ويعتقد لصيقون بالجماعة أن التجربة لو أتت بدكتور يوناس فستكون هي المرة الأولى التي يترأس شخص جنوبي جماعة كبيرة بحجم أنصار السنة، وسيكون امراً جديدًا حال وقوعه وله أثره في دعم وحدة السودان لانصار السنة وللمجتمع السوداني عامة، ويؤكد مراقبون أن د. يوناس شخصية مؤهلة تماماً للقيام بهذا الدور، بل ويستطيع، إن حدث وأصبح رئيساً، أن ينهض بالجماعة في جنوب السودان وفي أفريقيا، لتمكنه من مخاطبة كل مجموعة بلغتها وقد كانت له دروس بلغات الجنوبيين المحلية، بجانب إجادته اللغة الإنجليزية، وربما ترشح اسماء أخرى كبيرة يفصح عنها المؤتمر الذي يختتم اليوم. ويقول مراقبون إن المؤتمر أفسح امس مجالاً كبيراً لمناقشة التنسيق مع بعض القوى السياسية في الساحة كأحد الأجندة المهمة، وينبهون إلى أنه ربما تم اتفاق للتنسيق والتحالف في بعض الدوائر، وتبدو العلاقة بين أنصار السنة والمؤتمر الوطني أكثر قرباً عن غيرهم من القوى الأخرى، والأرجح أن تحالفاً أو تمتيناً للتنسيق القائم سيتم في المرحلة المقبلة، لكن هذا لا يمنع أن قوى أخرى ستكون ذات حظ كبير في تعضيد وتحالف من قبل الجماعة لأنها تملك علاقات أخرى من خلال الحكومة الحالية، فعلاقة الجماعة بالحزب الإتحادي الديمقراطي وحزب الأمة القومي وغيرهما لصيقة من خلال شيوخ الجماعة الذين كان بعضهم ينتمي كلية لهذه الأحزاب الكبيرة، بجانب ان معظم الطيف السياسي كان حاضراً في بداية المؤتمر أمس. وبعد، فإن المؤتمر الصحفي الذي سيعقد اليوم بمقر المركز العام للجماعة لاعلان مقررات وتوصيات المؤتمر العام وإعلان اسم الرئيس العام المنتخب ينتظر ان يكشف عن ممارسة راشدة في العملية الديمقراطية الداخلية التي يتوقع أن تأتي بمفاجآت، بجانب وضع أطروحات مناسبة لحلحلة القضايا العالقة في الساحة السودانية، و(إستشراف الغد).