قبل أشهر قليلة كنا في زيارة لدولة أريتريا.. وعاصمتها الجميلة أسمرا.. وأجرينا وزميلي وصديقي محمد عبدالقادر مدير التحرير حواراً متميزاً مع الرئيس اسياس أفورقي في الشأن الأريتري والسوداني والإقليمي. وقد زرنا مدينة مصوع الساحلية.. وكذلك مدينة كرن التاريخية.. وهي مدينة تشبه معظم مدن الشرق السودانية خاصة كسلا وجبيت وسنكات وغيرها.. لكنها تتميز بوقوعها بين الجبال والروابي الحجرية الصلبة. وكرن كما جاء في تاريخها.. وهي بفتح الكاف تعني بلغة البلين الحجر. وقد جرت في كرن معركة حربية هائلة بين الجيش الإيطالي وجيش الحلفاء.. حيث انكسر فيها الجيش الإىطالي بعد أن قتل قائدهم الجنرال لورينزي. كرن تبعد عن العاصمة أسمرا «19» كيلومتراً، وبمدينة كرن أول معهد إسلامي عرفته المدينة هو معهد الدين الاسلامي الذي أسسه الشيخ موسى آدم عمران في العام 1691 ومنهجه من المناهج الأزهرية. غنت عائشة الفلاتية الفنانة الراحلة ذائعة الصيت لرجال الجيش السوداني الذين قاتلوا فيها.. يجوا عايدين. لذلك نجد حياً كاملاً في هذه المدينة التاريخية باسم السودان.. كما أن عادات أهلها هي نفس العادات السودانية وملامح المدينة تشبه ملامح المدن السودانية كذلك أسواقها. في أسواق كرن تجولنا وكأننا نتجول في أسواق كسلا.. الترزي الاريتري يفصل الجلابية السودانية والسفاري والبدل.. وهم مهرة للغاية، في سوق الخضر والفاكهة.. نظافة غير عادية وهي في بنايات ذات خارطة واحدة في كل مدن أريتريا.. آخر ترتيب.. معظم البائعات من صبايا كرن اللائي اشتهرن بجمالهن. وفي سوق خضروات كرن وجدنا الخضروات السودانية التي لا تتوافر في بقية المدن الاريترية مثل الملوخية والرجلة و الجرجير.. والخضروات والفواكه متوافرة بشكل كبير.. في المدينة بنك كبير.. ومبانٍ أنيقة واضح فيها اللمسة الفنية المعمارية الإىطالية. مقاهي البن متوافرة.. يطلقون على القهوة «الجبنة».. ومن يشرب قهوة في كرن يحس بنكهتها المتميزة. العمل في أسواق كرن.. لا فرق فيه بين رجل وامرأة، وصبايا كرن يتمتعن بجمال متميز.. وأهل كرن يشبهون السودانيين في ملبسهم.. وفي تقاليدهم.. ويسود هذه المدينة الجميلة هدوء تام وطمأنينة تامة.. لم نر طوال اليوم الذي قضيناه في كرن (شكلة) بين الأطفال.. وتحيط بالمدينة أشجار المانجو بشكل كثيف للغاية. ثم وقفنا في المنطقة التي جرت فيها المعركة إبان الحرب العالمية الثانية.. وهي منطقة جبلية.. فيها منحدرات عميقة ومحاطة بالجبال.. وما زالت بعض الآليات العسكرية المحترقة في بعض من أجزاء تلك المنطقة. في كرن.. ذهبنا الى موقع فيه شجرة ضخمة الجذع.. محفور ذلك الجذع وفيه تمثال للسيدة مريم العذراء مصنوع من خشب الأبنوس الأسود.. يزورها الناس بين فترة وأخرى.. بالرغم من أن غالبية أهل كرن مسلمون. وكرن مثل مصوع.. بها عدد كبير من أتباع الطريقة الختمية.. يرتدون الجلابيب ذات الياقة القصيرة.. التي عرفت بجلابية الختمية.. ويتواجدون بكثرة في ضريح ومسجد الشريفة علوية.. في مدينة مصوع التي أطلق عيها احدى مدن الملح.. إذ نجد أكياس الملح معروضة في الشارع الرئيسي بكميات كبيرة.. والملح يستخرج من البحر الأحمر من خلال ملاحات تقليدية.. وأصبح مصدر رزق لكثير من العاملين في تلك الملاحات.