التقرير الذي قدمه الإتحاد الافريقي برئاسة ثامبو امبيكي بشأن دارفور لم يجد الصدى الواسع، خاصة من الحكومة التى لم تتعامل معه سلباً ولا إيجاباً، وعزا المراقبون تحفظ الحكومة الى ان التقرير اقترح إنشاء محاكم مختلطة (الهجين) لتحقيق العدالة ومن ثم المصالحة، على ان تتشكل من قضاة سودانيين، بجانب قضاة دوليين، بالإضافة الى موظفين كبار للتعامل مع الجرائم الأكثر خطورة- بحسب التقرير، وبرر المراقبون رفض الحكومة الى عدم سماح القانون السوداني نفسه بتشكيل مثل هذه المحاكم، حيث لا توجد إشارات واضحة فى قانون الهيئة القضائية ، كما يخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص يسمح بتشكيل هذه المحاكم، ولكنه يسمح للسلطة القضائية ان تنشئ محكمة خاصة بحسب قانون القضاء لسنة (1986). لكن اهل دارفور انفسهم ربما يرون فى تقرير امبيكي الذي قدمه امام مجلس الامن الايام القليلة الماضية انه يتضمن بعض الجوانب الايجابية، ويمكن ان يسهم فى حل مشكلة دارفور لكونه لامس العصب الحي لإشكالات وتعقيدات الإقليم، بينما يرى فريق آخر منهم، خاصة الذي يقف عند الناصية الإجرائية القانونية انه لا يمكن قبول التقرير بتوصياته التي تتحدث عن تشكيل محكمة هجين. وقال د.محمود دقدق المقدم لورقة العدالة فى المنتدى التخصصي حول تقرير فريق ثامبو امبيكي بشأن دارفور انه لا يمكن تشكيل محاكم مختلطة كما جاء فى التقرير، واكد ان القانون السوداني لا يوجد فيه ما يشير بوضوح الى تشكيل مثل هذه المحاكم، وكذلك قانون القضاء لسنة (1986) لا يسمح لرئيس القضاء نفسه بتعيين قضاة أجانب، ولا يمكن تشكيل هذه المحكمة التي نص عليها التقرير إلا في حالة تعديل الدستور نفسه. واكد عدم وجود اي مواد بقوانين القضاء والاجراءات الجنائية تسمح بهكذا اجراء، واستطرد: يمكن لسلطة رئيس القضاء ان تسمح بتشكيل محكمة خاصة. وأشار دقدق الى مسألة الحصانات للقوات النظامية التي ربما تطلب من قبل المحكمة، وقال ان اجهزة الشرطة والأمن تحتاج قوانينها الى تعديل، واكد دقدق على نزاهة واستقلالية القضاء السوداني، وأشار الى عدم دستورية المحكمة الهجين بحسب القانون الذي يحدد ان يكون القاضي سوداني الجنسية. واكدت مريم عبد الرحمن تكس مقدم ورقة السلام والمصالحة في المنتدى ان الحرب التي طالت اقليم دارفور السنوات االماضية اضرت بالنسيج الاجتماعي ضرراً بالغاً، واصبح الفرد فى الاقليم قبلياً من الدرجة الاولى وان المدنيين هناك اصبحوا عسكريين وصنف الناس الى عرب وزرقة، وقطعت الحرب سبل كسب العيش ونما اقتصاد الحرب، وقالت انه من اخطر الاشياء ان المجتمع الدارفوري فقد الثقة تماماً في حكومة المركز، ودلفت تكس الى التقرير الذي تقدم به ثامبو امبيكي ولفتت الى ان التقرير استند إلى ضرورة مشاركة اهل دارفور انفسهم في حل القضية بجانب حل مشكلة الاقليم مع دولة تشاد واعطى القضية بعداً اقليمياً. وقالت تكس ان منبر الدوحة لحل قضية الاقليم ساق القضية الى مناحي جلسات منفردة عبر الاجتماعات المنفردة مع الحركات واخرى للحكومة وثالثة للمجتمع المدني وتارة جلسات للخبراء واكدت انه لا خبير يحل قضية دارفور إلا اهل دارفور انفسهم، وقالت ان مشكلة دارفور ينقصها للوصول لبر الامان وجود الإرادة السياسية للاطراف السودانية نفسها. وشددت ورقة المصالحات والتعايش التي قدمها حامد علي محمد نور على جميع اهل دارفور كافة دون تمييز بينهم ودون اجندة حزبية للوصول الى سلام فى الاقليم، واشار نور الى توافق بين ورقته وما جاء في تقرير امبيكي حول تقديم مبدأ العدالة على المصالحة. واكد محمد الامين خليفة القيادي بالمؤتمر الشعبي ان حل قضية دارفور يكمن في الداخل وليس عبر الادوات الخارجية. وقال ان اهل السودان يمتلكون الحلول الناجعة لقضيتهم ولكن لا يمتلكون الإرادة لحلها، واكد على ضرورة وحدة اهل الاقليم دون اجندة حزبية وتمييز بين اهل المنطقة، ودعا الى تكوين جسم يضم اهل الاقليم كافة، وحث اهل دارفور لرهن حل القضية بخوض الانتخابات المقبلة، واكد على تقديم العدالة على مبدأ المصالحة. من جانبه قال آدم عبد الرحمن رئيس مفوضية اراضي دارفور ان القوانين السودانية لم تتطرق للجرائم الانسانية أو تحديد عقوبات لها، ورهن اصلاح القانون بحل قضية دارفور، ودعا أهل الاقليم التوجه للحلول الداخلية وترك كل ما هو خارجي بشأن حل أزمة دارفور. فيما وصف محمد عيسى عليو عضو الهيئة الشعبية لتنمية دارفور تقرير امبيكي بالجيد لكونه نتاجاً لحلول وخبرات افريقية، وقال ان التقرير ركز على المصالحات، وابدى مساندته له مع تقديم مبدأ العدالة على المصالحة لمعرفة من هو الظالم ومن المظلوم، واشار الى انه من الضروري اجراء محاكمات حقيقية وشاملة من اقصى الاقليم الى ادناه للذين يدانون في جرائم ضد شعب دارفور، ورهن اجراء المحاكمات بمستقبل الاستقرار في الاقليم.