- كتب استاذنا الراحل صلاح احمد ابراهيم بضع أغنيات. الطير المهاجر وانشودة لاكتوبر.. لكنه كما ذكرت من قبل كان هذا القليل يكفيه لأن يسجل اسمه بين شعراء الأغنية الأفذاذ.. بل كانت الطير المهاجر نقلة كبيرة في شكل ومضمون الأغنية السودانية.. فقد مزج مفردات العشق للمحبوبة مع العشق للوطن في توحد كيميائى عجيب.. وفتح باب الجرأة لتناول مضامين جديدة.. بالنسبة لي فقد كان معلمي الأول. - هذا الشاعر الباذخ وقف أمام أغنية الحقيبة بتقديس اسطورى.. خلع نعليه.. وأقعى يتأملها، أفضى به هذا التأمل ان يحاكي الحقيبة فكتب قصيدة «قطرة من نورك».. ولكنها أخذ من الحقيبة مفرداتها الصلبة القاسية على غرار «أهزوجة ود الرضى» «الناحر فؤادي بولع جوفي حر أضرم نار وجدي نسام السحر» فمفردات مثل الناحر.. واضرم كلمات «صلبة» رغم ان الشاعر قابل النحر والحر واضرام النار «بنسام السحر» لذلك بدأ اغنيته الحقيبية بأقوى ما فيها من خطاب: سهمك الفتاك.. أتلف المهجة وانت يا سفاك ماشي في قتلاك من قلوب تهواك.. موكب البهجة - أخذ البداية الحسية القوية.. ولكنه في المقطع الثاني مباشرة شف وسما وعلا وقال: فيك نضارة ونور.. زي شعاع الراح من خلال بللور..فيه تضوي بدور وانمحق ديجور....ويبقى ليلنا صباح - وعندما يتسلطن ويدخل في جيبه شاعر حقيبي عفوي في عبقرية فذة فيقول: يا شذى التفاح فاح وعدى بحور كم سطل أرواح والجبين وضاح في غياهب لاح.. يحسدنو الحور - لكنه برغم التأثير الحقيبي مثل شعراء الحقيبة لا يخلو شعرهم الغنائى من صوفية عميقة عفوية هى الأخرى.. أو محاولة للتناغم مع الروحي تفويضاً للحسي المسيطر على مضمون اغنية الحقيبة: غنى مأسورك منجذب معلوم خف عقلو وطار بي حديث منظوم - ولكن مثل صلاح لا يمكن ان يتقيد بشكل ومضمون مقلداً لابد ان يضفي من روحه على النص فيقول: يا ندى الأزهار.. فتحت من نوم يا دعا الأسحار.. نبدا بيهو اليوم - وطالما وجد (صلاحاً) الفرصة لكي يبهج النص باشكال من البلاغة الجزلى ينتهز الفرصة: شفت دمى مراق في شفاه غضة حاوية سيف فضة تشهرو في عرضة قمرة راكبة براق - وفي مسك الختام يرق حتى يصبح بسيطاً مثل ديباجة أغاني البنات العذبة: فرقتك صعبة وحارة زي النار كمني حبة.. واصطلي بغربة لو يضوق حبة صار شهيد بمزاز