ترغب الام بان يكون ابنها أو ابنتها قريباً منها يتحدث بكل تلقائية وحب عن أحواله ولكن كيف تمد جسور الحوار مع الطفل المراهق إذا كان لا يجيب عن أسئلتها سوى بكلمات محدودة؟؟ من طبيعة الاطفال ان يتحدثوا لامهاتهم عن دقائق يومياتهم عند عودتهم من المدرسة بكل إثارة ومتعة وذلك حتى بلوغهم سن العشر سنوات ولكن سرعان ما يتوقف الطفل فجأة عن هذه العادة ويتجه إلى غرفته ولا يطلع امه على أي أمر حتى إن الابناء الذين يعشقون الثرثرة يلتزمون الصمت عند بلوغهم عتبة المراهقة ويحيطون أنفسهم باطار من السرية والغموض الى درجة أن بعض الأسئلة العادية على غرار «كيف كان يومك الدراسي؟ ونحوه تتحول من وجهة نظرهم الى محاولات التعدي على خصوصياتهم وكشف اسرارهم، ورغم ما يسببه هذا الميل المبالغ فيه للتكتم وضرب اسوار السرية والغموض حول حياتهم الخاصة التي تصبح اسرارها حقاً حصرياً لاصدقائهم فقط إلا ان حاجة الطفل للوحدة والعزلة تعد مؤشراً للانفصال النفسي السوي عن الاهل وتتطلب دعمهم اكثر من اي وقت مضى. و ترى «علوية عثمان» أم لخمسة أطفال أن التواصل مع الابن المراهق يحتاج إلى بذل الجهد وترويض صمته عن طريق إجادة فن التواصل معه، فلكل طفل لحظة معينة يكون خلالها أكثر استعداداً لتبادل الحديث والدخول في مناقشات والإستسلام للحظات من الحميمية، مثلا قد يكون على استعداد أثناء تناول الطعام أو أثناء وقت الذهاب إلى الفراش لذا لا تفترض الام بان ابنها أصبح كبيراً ولم يعد بحاجة إلى، التدليل أو (الدلع) ومن المهم جداً في هذه السن أن يحيط الآباء بابنائهم وبناتهم بقدر الإمكان. أما «فاطمة عبد الله» معلمة وأم لسبعة أطفال فهي تقول من الضروري أن تكون الأم مستمعة جيدة لابنها وان تمنحه مساحة من الحرية لان بعض الاطفال يحتاجون لمزيد من الوقت لمعرفة أحاسيسهم مشاعرهم فقد يكون غير قادر على تبين المشاعر والسلوكيات الخاطئة والتمييز بينها وبين الصواب. بينما ينصح الخبير التربوي حسين ابراهيم بتجنب تصفح دفاتر اليوميات الخاصة بابنائهم او التجسس على مكالماتهم الهاتفية وإذا وثق الابن بك وحكي لك عن شيء معين فعليك الإحتفاظ بسره وعدم إفشائه، وعلى الوالدين ان يعلما أن أشد ما يغضب الابناء علمهم بانهما يتجسسان عليهم، ومن المهم جداً الموازنة بين احترام خصوصية الابن والتدخل الإيجابي في حياته فهو يحتاج إلى من ينصت اليه ويعطيه الفرصة لطرح التساؤلات بدون ان يواجه بالاستياء أو السخرية وعلى أهلهم ان يعرفوا ان الطفل كلما كبر يصبح أكثر ميلاً الى الصمت والإنطواء على نفسه ولذا عليهم ألا يتوقعوا ان يبقى التواصل معه بالسهولة نفسها التي كان عليها من قبل وان يغتنموا الفرصة المناسبة لتبادل الحوار معه كلما لمحوا بوادر الإستعداد حتى ولو كان ذلك بعد إطفاء اضواء المنزل والخلود الى النوم.