يبدو أن منحنيات التفاؤل والقبول لإنتاج الوقود الحيوي والتي ظلت تتأرجح علواً وهبوطاً قد تدنت إلى مستوى كبير، فإنتاج الوقود من محاصيل الغلال وفول الصويا ليحل مكان الوقود المحروق قد لاقى قبولا واسعا لمنظمات حماية البيئة باعتباره يضع حداً لانبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري ولكن الفكرة البراقة تحولت إلى استثمارلأصحاب الملايين، وبعض الدول وجدت في الوقود الحيوي فرصة لتقوية صادراتها مستغلة توافر المياه والمساحات الشاسعة والتكنولوجيا الملائمة فتغو لت احتياجات الطاقة على محاصيل الغذاء مما كان سببا في ارتفاع أسعارها بشكل أصبح يهدد الأمن الغذائي العالمي، غير أن مؤشرات ارتفاع التفاؤل قد زادت عندما أصبح في الإمكان استخدام الأجيال الثانية الناتجة عن تصنيع المحاصيل (إنتاج الايثانول من المولاص كمستخرج ثانوي من تصنيع السكر)، كما في شركة كنانة السودانية، واكتشاف نبات من محاصيل الحبوب الزيتية يسمي( الجاتروفا)، وأشارت التقاريربتحمله للجفاف وإمكانية زراعته في الأراضي الهامشية وحتى في الصحراء!! لولا تقريرعنه نشرته صحيفة الاندبندت البريطانية مؤخرا وجاء فيه أن نبات الجاتروفا الذي كان يؤمل في أن يكون حلا لمسألة إنتاج الوقود الحيوي المتجدد، قد تسبب في الدفع بآلاف من المزارعين في العالم النامي إلى حافة الفقرونقص الغذاء فقبل خمس سنوات من الآن، اعتبرالمستثمرون والعلماء نبات الجاتروفا فتحا علميا غير مسبوق في معركة أيجاد البدائل للوقود المحروق وذلك لتميزه بمقاومة عالية للجفاف تمكن من زراعته في الصحراء وبالتالي عدم منافسته في الموارد الأرضية الخصبة التي تستغل في إنتاج المحاصيل الغذائية. واليوم يكتشف الباحثون أن الجاتروفا قد زادت من حدة الفقرللمنتجين في العديد من الدول خاصة الهند وتنزانيا وذلك بعد زراعتهم لملايين النباتات حلما بالعائدات الوفيرة وتعرضهم لضربات قلة الإنتاجية، مما اضطرهم لزراعته في أراضي خصبة تناقصت معها مساحات إنتاج المحاصيل الغذائية، و قناعتهم بأن كل ذلك كان سرابا!. وتشيرإحصائيات زراعة الجاتروفا إلي أن المساحة المزروعة في العالم قد تجاوزت المليون هكتار بالرغم من قلة البراهين باستطاعة المحصول من إنتاج زيت كاف لاستدامة المحصول تجارياً، والجاتروفا، من النباتات المزهرة، موطنه الأصلي أمريكا المدارية كالمكسيك ووسط أمريكا اللاتينية، تحتوي بذرته على من الزيت الذي يمكن بعد تصنيعه إنتاج وقود حيوي عالي الجودة لماكينات الديزل وتستغل البذرة أيضا في صناعة الصابون والشموع وفي تركيب العديد من الزيوت الطبية وفي جنوب السودان تؤكل البذور لمنع الحمل!!. وجاء في صحيفة الاندبندت البريطانية أيضا أن شركة بريتش بتروليوم الضخمة بالتعاون مع شركات بريطانية أخري كانت تخطط لإنفاق (32) مليون جنيه إسترليني لزراعة هذا المحصول ولكنها تراجعت الآن من ذلك بينما حذرت منظمة خيرية بأن الحصول على إنتاج وفيرمن المحصول لايتأتى إلا بزراعته في أراضي خصبة وليس كما كان يعتقد. وفي الهند تناقص إنتاج الجاتروفا من تنبؤات ب 5 أطنان من البذورللهكتار إلي أقل من (1.8) مما حدى بمعهد تنمية ما وراء البحاروهو منظمة تعني بالتنمية في العالم للقول « بأن مساهمة الجاتروفا في معيشة الناس تبدوهامشية جدا» ويشكوالمزارعون الهنود من عدم الاستطاعة لبيع المنتج وبرودة السوق!!. وعلي النقيض تماما تسعي شركة أخرى تتخذ من لندن قاعدة لها لتمويل زراعة أكثرمن (32) مليون نبتة من الجاتروفا في أرجاء العالم الآن مع تقديرات بالوصول بها إلى (300) مليون بنهاية العام 2010م في مساحة (120) ألف فدان تقريبا, تحت شعاربراق « ينمو المال حقيقة على الأشجار!!» وتصرشركة كبرى للوقود الحيوي مقرها لندن، وتستثمر بثقل كبير في زراعة الجاتروفا تصرعلي أن الوقت ما زال مبكرا للحكم عليها بالفشل بينما لا يوافقهم في الرأي شركاؤها السابقون (بريتش بتروليوم)، مدعين بأن للجاتروفا مشاكل كبيرة ولم تعد خياراً مناسباً ويبحثون بالتالي عن البديل!.