شهدت صناعة السكر طفرة حقيقة لا تخطئها عين، حيث فاقت مصانع السكر الحكومية الاربعة (الجنيد وحلفا وسنار وعسلاية) طاقتها التصميمية وكذلك شركة سكر كنانة لتفوق انتاجية شركات انتاج السكر كافة نحو ال (750) ألف طن فى العام بينما دخلت هذه الشركات مجالات انتاج اخرى من بينها انتاج الكهرباء من البقاس والاعلاف ومنتجات الالبان واخيراً انتاج الايثانول وتصديره فضلاً عن دورهذه الشركات فى توفير السكر للاستهلاك المحلى المتزايد وتأمين احتياجات الصناعات الغذائية التى تعتمد على السكر كمدخل انتاج، حيث إنتعشت هذه الصناعات وشهدت تزايداً فى الاستثمارات خلال الفترة الاخيرة، ولذلك لابد للدولة من دعم هذه الشركات وحمايتها اوبالدقة دعم (صناعة السكر وحمايتها)، وفى هذا الصدد الدولة لم تتأخر ووفرت الحماية والدعم بقرارات كثيرة كان آخرها ماصدر خلال جلسة مجلس الوزراء بكنانة، حيث تم حظر استيراد السكر الابيض والسماح باستيراد سكر للتكرير فى حالة حدوث فجوة وأعقبتها قرارات اخرى عندما حدثت فجوة بالسماح باستيراد سكر ابيض عبر شركات انتاج السكر (كنانة وشركة السكر السودانية)، بينما إلتزمت هذه الشركات بتأمين احتياجات الصناعات الغذائية المعتمدة على السكر كمدخل انتاج وبالاسعار التى حددها مجلس الوزراء والكميات التى طلبتها اتحاد الغرف الصناعية والمصدقة من وزارة الصناعة، وكل هذا يخدم مصالح الصناعتين (السكروالصناعات الغذائية المستخدمة للسكر) . ولكن هذا الاستقرار لم يدم طويلاً من واقع الممارسة، ففى كل فترة واخرى تظهر شكاوى من غرفة الصناعات الغذائية سببها عدم توفير الكميات المناسبة اوزيادة الاسعار... الخ، بينما فى المقابل تدافع شركات انتاج السكرعن مواقفها وإلتزاماتها تجاه قطاع الصناعات الغذائية وتوفير حصتها من السكر، ليبقى هذا الجدل مستمراً، ليعكس هذا الجدل نوعاً من الصراع الخفى اوما يسمى ب(صراع المصالح)، وبعيداً عن البحث فى تفاصيل هذا الصراع الخفى الذى يهدد بنسف النجاحات الحقيقية التى شهدتها صناعتا (السكر والصناعات الغذائية)، وقريباً من مصالح هاتين الصناعتين الناجحتين فان هنالك «وزنة مفقودة» لابد من توافرها لضمان المحافظة على هذا النجاح الذى تحقق فى مجال صناعة السكر وعدم انتكاسته وحماية هذه الصناعة، وبالمقابل لابد من المحافظة على النجاحات والاستثمارات التى شهدها قطاع الصناعات الغذائية بجذب استثمارات جديدة وضخ منتجات جديدة للدرجة التى اصبحنا فيها يومياً نسمع عن منتج آخرمن (...) فضلاً عن منتجات غذائية عديدة واستقرار فى اسعار المشروبات الغازية والعصائر والطحنية والمربى وغيرها من الصناعات الغذائية لسنوات، ولكن كل هذا النجاح مرتبط بالنجاحات التى حققتها صناعة السكر ورعاية الدولة لهاتين الصناعتين.. فقط هنالك وزنة مفقودة تحفظ هذا النجاح وتضمن تلك الرعاية والحماية والدعم من الدولة وتحسم (الصراع الخفى) حتى تتواصل مسيرة النجاح بكافة القطاعات الصناعية وينعم المواطن باستقرار اسعار السكر والصناعات الغذائية معاً ونخفف عنه الاعباء فى عام الانتخابات بدلاً من افساح المجال لنموهذا الصراع الخفى بين اصحاب المصالح المتضاربة لنسف هذه النجاحات، وهز الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى ومن بعد الاستقرار السياسي.