الزيادة المهولة والمبالغ فيها في اسعار معظم السلع والخدمات في نهاية العام الماضي ومطلع العام الجديد كانت زيادة الضريبة على القيمة المضافة هي الشرارة التي اشعلتها لاسواق احتكارية لا يوجد عليها رقيب او حسيب خاصة بعد تقنين مثل هذه المضاربات بعد تطبيق سياسة التحرير الاقتصادي في العام (1992). الزيادة في ضريبة القيمة المضافة المصاحبة لموازنة العام (2008) كانت طفيفة نسبيا (3%) بالنسبة لاسعار السلع الخاضعة للضريبة وحتى اذا اخذنا بمبدأ تراكمية الضريبةEffect Cascading) ) فيفترض الا تؤدي هذه الزيادة الى زيادة في اسعار السلع باكثر من (10%) بينما الزيادات التي حدثت ترواحت بين (50%) الى (80%) خاصة وان الزيادة السابقة والتي تمت في شهر يونيو في العام (2007) من (10-12%) لم تحدث اي زيادة في الاسعار بل ان بعض السلع قد انخفضت اسعارها. وفي تقديري ان هذه الزيادات لا سبيل الى معالجتها الا بالمزيد من فرض الرسوم والضرائب خاصة وانه قد ثبت عمليا في ظل سياسة تحرير الاسعار ان تخفيض الضرائب والرسوم على سلعة ما يؤدي الى نتائج عكسية بزيادة سعر السلعة بدلا من تخفيضها واقرب الامثلة انه وبعد تخفيض الفئة الجمركية لخامات الزيوت المستوردة والمصنعة محليا من (40-10%) قد ادى حاليا الى زيادة في اسعار زيت الطعام وصلت الى (80%) . وتفسير ذلك ان تخفيض الرسوم والضرائب يعطي المضاربين من مستوردين ومنتجين مجالا اكبر لزيادة الاسعار حيث ان محددات العرض والطلب هي التي تقف امام تلك الزيادة بالاضافة الى مدى مرونة السلطة في التعامل (Dasticity). ان المعالجة التي يفترض ان تتم حاليا في مواجهة الزيادة غير مبررة في اسعار السلع المستوردة والمنتجة محليا هي فرض المزيد من الجمارك على السلع المستوردة ،وبسط مظلة ضريبة رسوم الانتاج (Excise) ) التي تحصلها الجمارك. لقد كان الغاء رسوم الانتاج بعد تطبيق الضريبة على القيمة المضافة في يونيو (2000) خطا كبيراً لذلك لا بد من تعميم رسوم الانتاج لتشمل جميع السلع المنتجة محليا بدلا عن سبع سلع حاليا. ولا يفترض ان تكون الضريبة على القمية المضافة هي ضريبة على المبيعات وتمتاز على ضرائب المبيعات بخصم الضرائب السابقة من اللاحقة اي انه لا يفترض زيادة الضريبة الى تكلفة السلعة بل خصم الضرائب السابقة التي يدفعها المنتج او المستورد بعد تحصيل قيمة الضريبة من المستهلك ،وتوريد الفرق لديوان الضرائب مع الاقرار الشهري الذي يقدمه المكلف بهذه الضريبة حيث بلغ حد التسجيل ،الا ان الممارسات الخاطئة الحالية تقوم على اضافة الضريبة على اسعار السلع مما ادي الى هذه الزيادة بينما وعاء رسوم الانتاج هو السلعة المنتجة فقط ولا يفترض حدوث ازدواجية بين الضريبتين. لهذا فاننا نطالب باعادة العمل بضريبة رسوم الانتاج لتشمل جميع السلع حيث ان ضريبة رسوم انتاج بنسبة (1%) على اقل سلعة تغطي التكلفة الادارية وتعمل على رقابة الانتاج والمساعدة في تفعيل تحصيل الضريبة على القيمة المضافة ،ولقد بلغ تحصيل رسوم الانتاج من سبع سلع فقط هي التي تخضع حاليا لهذه الضريبة في العام (2006) نحو(1.04) مليار جنيه وهي تقارب ما تم تحصيله من ضريبة على القيمة المضافة المحصلة داخليا على كل السلع والخدمات، كما انه لا بد اعادة ما تم تخفيضه من رسوم جمركية خاصة على خامات السلع بصفة عامة وخامات الزيوت بصفة خاصة والعمل بقول الشاعر( وداوني بالتي كانت هي الداء) فان المعالجة الضريبة لهذه الفوضي في الاسعار هي السبيل الوحيد للحد من المضاربات ،فان السلع خفيفة الوزن هي الاكثر عرضة ليلعب بها هؤلاء المضاربون (لعب الصوالج بالأكر). وتوجيه الزيادة المحصلة من ايرادات لدعم الخدمات الاجتماعية وزيادة المرتبات وتقديم مساعدات عينية للاسر لمساعدتها على مجابهة موجة الغلاء.