يجد الشاعر احمد الامين احمد(ابوجماع) عالمه في الشعر الرصين والقضايا ذات الطابع القومي، ويرى ان الشعر اذا انفصل عن قضايا المجتمع فإنما هو مجرد تهويمات في وادي عبقر. في الكتاب الذي اصدره من لندن الدكتور الهاشمي الحامدي رداً على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم بعنوان(لماذا نحبه) وحوى قصائد للدكتور غازي القصيبي وعبدالرحمن العشماوي وعائض القرني، كان ابوجماع الشاعر السوداني الوحيد ضمن هذه الكوكبة من الشعراء. (الرأي العام) حاورت ابوجماع حول تجربته الشعرية ورؤيته الخاصة حول عدد من القضايا الادبية. * بداياتك الشعرية، كيف تشكلت؟. - منذ المرحلة الابتدائية كنت اطرب للشعر وان لم افهمه، وكنت احفظه لوزنه وموسيقاه وحيويته..بل انني تجرأت على نظم الشعر وانا في تلك السن. * بمن تأثرت؟ - قرأت المعلقات كذلك في سن مبكرة، ولامية العرب للشنفري ، ودون شك كان المتنبي يمثل محطة اساسية في عالمي كما هو محطة اساسية عند الكثير من الشعراء، وكذلك قرأت للبحتري وابوتمام وابونواس، ولشعراء النقائض ، وتجدني منحازاً للسودانيين مثل المجذوب والمحجوب ، والفيتوري ، وفراج الطيب ، ومصطفى سند ، واحاول ان اقرأ في الحديث لدرويش ، ولسميح القاسم ، ونزار وغيرهم حتى أكون مواكباً وأتواصل مع كل الأجيال ما وسعني ذلك. * هل تعالج الشعر الحديث أم انك تقتصر على الشعر التقليدي فقط؟ - بالمناسبة انا لا اسميه التقليدي بل اسميه الرصين ، والنهج الأصيل ، تأسياً بأستاذنا عبدالله الطيب عندما اهدى ابياتاً في واحدة من كتبه للشاعر محمد المهدي المجذوب يقول فيها: قد سرني أن كان لي من أرومتي صديق عليه المجد حر حلاحل إذا إنبرى للنقد أدرك لبه خفيات ما ترمي إليه المسائل وإن نظم الشعر الرصين فإنه كما صال فرسان البلاغة صائل وإن نظم الشعر الحديث سما به إلى رتب لا يرتقيهن خامل وقد نظرت لهذا المعنى في قصيدة لي كتبتها بمناسبة اختيار الخرطوم عاصمة للثقافة العربية فقلت: هي الخرطوم موطن كل فن وعبقر كل قافية شرود إذا نظمت حديث الشعر جازت مراتب ما عليها من مزيد وإن نظمت على نهج أصيل فأشعر من زهير ومن لبيد وإن نثرت فديباج ودر تقاصر دونه ابن العميد *كيف تنظر إلى قصيدة النثر؟ - لا أحسب أنني في وضع يؤهلني لأحكم عليها إذ أنني نادراً ما اقرؤها ، فالنماذج التي قرأتها صدتني عن متابعتها ، ولكني أقول أنها نثر كما جاء في مسماها ، والنثر قد يرتفع ويسمو كما يرتفع الشعر. * بالمناسبة هل يتوافر الناس الآن على شعر رصين؟ - ما زال البعض يحتفي به وان ضعف الاهتمام به لضعف المنهج التعليمي للغة العربية في المدارس ولعدم اهتمام القائمين على الثقافة بالشعر والأدب بكل ضروبه. * من الملاحظ ان معظم وسائل الاعلام تحتفي بالشعر الحديث، وتقدم اصحابه كرموز ورواد ولا تحتفي كثيراً بالشعر العمودي؟ - في الأعوام القليلة المنصرمة ظهر بعض الإهتمام بالشعر العمودي الرصين بدأه الأستاذ محمد الهاشمي الحامدي في قناة (المستقلة) إذ أقام مسابقة لشاعر العرب ، ثم تلته دولة الإمارات العربية واقامت مسابقة باسم أمير الشعراء وقد فازت الأخت روضة الحاج في موسمها الأول ، وقد كان لي شرف المشاركة في المسابقتين ، كما أن الأخ الهاشمي الحامدي دعا الشعراء للرد على الدنماركي صاحب الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة ، بقصائد تبين حب المسلمين لرسولهم الكريم ، وقد شاركت في هذه المسابقة ونشرت قصيدتي في ديوان أسماه لماذا نحبه مع حوالي أربعين شاعراً من الوطن العربي. * وكيف تنظر الى الوضع عندنا في الداخل؟ - اعتقد ان ثمة تحرك بطيء، فقد نظمت محلية الخرطوم خلال الايام الماضية مسابقة للشعر بمناسبة مولد المصطفى ، وهي الآن تطرح مسابقة أخرى للشعر والقصة والفن التشكيلي ، وهذه محمدة تشكر عليها ، فلو أننا نقيم مثل هذه المسابقات لكان عندنا مئات القصائد والروايات واللوحات خلال العشرين عاماً التي حكمت فيها الإنقاذ فقط. * بعض النقاد يقولون إن الشعر الموظف او الذي يتم توظيفه لقضية معينة هو اقرب الى النظم منه الى الشعر ؟ - نعم إن لم يوجد إنفعال بالقضية ، فإن وجد إنفعال وفهم وثقافة سما ذلك بالشعر كثيراً ، ولكن يوجد ما يعرف بالشعر التعليمي الذي يشرح قضية معينة كألفية بن مالك في النحو ، وغيرها في الحديث والقراءات.. إلخ ، وبعض الشعراء يبدع حتى في هذه المسائل الجامدة. * هل تكتب الشعر السياسي وتطرق على قضية سياسية معينة ؟ - حقيقة ، انا اكتب الشعر السياسي ، وأكتب في اية قضية سياسية تستفزني وما اكثر القضايا المستفزة في عالمنا العربي ، وهل الحياة إلا سياسة .. لهذا تجدني جاداً ، صاحب قضية « فلا خير في شعر يحلّق في الفضاء بلا انتماء. ولهذا يقل في شعري الجانب العاطفي الغزلي. * لكن المنشور من اعمالك لا يطغى عليه الجانب السياسي؟ - ليس كل ما يكتب ينشر . * هل تخشى شيئاً؟ - لا ابداً، ولكني ربما اقدر ان الظرف السياسي غير مناسب ، او أن القصيدة قد تحدث بعض المشاكل السياسية والمجتمعية ، أو أنها قد تستغل من قبل البعض في الترويج لنظام أو لمحاربته ، وقد يكون النظام ضعيفاً لا يحتمل النقد ، هناك تقديرات كثيرة. * في سيرتك الذاتية، انت تتوافر على معالجة الشعر العامي والفصيح، هل تفعل ذلك بصورة متساوية؟ - انا اكثر ميلاً للفصيح، مع ان دائرة التلقي والتفاعل معه ليست في مرتبة الشعر العامي. * هل ترى ان دور الشعر قد تطور في الحياة المعاصرة ؟. - ما زال للشعر دوره الحيوي والمهم في الحياة عموماً ، وارى ان الشعراء ينبغي أن يقودوا المجتمع ، وهذا يستوجب أن يكون الشاعر مثقفاً وملماً بقضايا العصر ، وذا أنفة وكبرياء لا يشتري بالدراهم ، ولي قصيدة أقول فيها: الشعر للعرب السادات ديوان والشاعر الفذ بين العرب سلطان هانت محارمنا مذ مات شاعرنا وسامنا الذل شأرون ودايان