عدم ظهوره واختفائه عن مسرح الأحداث الخارجية المتعلقة بالسودان التي ما زالت ملتهبة وإن خفت الى حد ما أخيراً عن ما سبق فتح اكثر من نافذة للإستفساروالسؤال عن السيد دينق ألور وزير خارجية السودان الذي تولى مقاليد الأمور بهذه الوزارة المخصصة أصلاً ضمن بروتوكول قسمة السلطة للحركة الشعبية طبقاً لإتفاق السلام كبديل للدكتور لام أكول وزير الخارجية السابق. هذا الإختفاء الذي أوضح حقيقة وجوده في الوزارة إلا من ظهور قليل بين الفينة والأخرى من خلال إلتقائه ببعض المسؤولين الأجانب رسخ قناعة لدى البعض في الوزارة بتسيير دولاب عملها غيره من المسؤولين فيها وذلك إما للغياب المتكرر للوزير بسبب الإجازات والعطل واهتمامه الشخصي بملف أبيي مسقط رأسه أو أن للوزير وجهة نظر مختلفة في الطريقة التي تمضي بها الوزارة في تعاطيها مع الشأن السوداني الخارجي، وبالتالي آثر الابتعاد على أن يسير الآخرون خاصة المنسوبين لشريك حزبه في الحكم «المؤتمر الوطني» الأعمال بالوزارة. وبمراجعة سردية للملابسات التي أتت بدينق ألور وزيراً للخارجية أنه تسلم مقاليد الأمور في الوزارة في أعقاب الحملة الشعواء التي قادها متنفذون في الحركة الشعبية ضد د. لام أكول بحسبان ومجاراته لسياسات المؤتمر الوطني، إلا أن أكول كان طوال فترة توليه للمهام في الخارجية ينطلق في أدائه المهني للأمر الخارجي للسودان من نقطة جوهرية مفادها كما يقول: إن السياسة الخارجية تصنعها رئاسة ا لخارجية، مجلس الوزراء، المجلس الوطني، وبعض الأجهزة الاخرى المختصة، على أن تتولى وزارة الخارجية العبء الأكبر في تنفيذها وبمساندة أجهزة أخرى كالتعاون الدولي وغيرها، وهي إجراءات مشتركة لحكومة الوحدة الوطنية تعضدها توجيهات من رئيس الجمهورية، هذه القناعة والمبدأ حسب معلومات مصادر لصيقة بالأمر تعرض على إثرها د. لام أكول لحملة شرسة خاصة فيما بات صحفياً يُعرف بأولاد قرنق وعلى رأسهم ياسر سعيد عرمان وباقان أموم، وقد حدثت جراء تمسك د. لام أكول بهذا المبدأ مواجهة مشهودة بينه والسيدة جينداي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية السابقة «كونداليزا رايس» للشؤون الأفريقية عندما هددت د. لام بأن حكومة بلاده ستدفع ثمن مواقفها المتعنتة، فما كان منه إلا أن تصدى لها بقوة مؤكداً ان مواقف السودان لا تشوبها شائبة، هذه المواقف دفعت بالخارجية الأمريكية وفقاً لمصادر مطلعة لممارسة الضغط على الحركة الشعبية بتغيير د. لام أكول وسفير السودان في واشنطن السابق جون أكويج. هذه الملابسات كما يقول معنيون بملف الدبلوماسية السودانية التي جاءت بدينق ألور للمنصب جعلته يضع في حسبانه ضرورة إصلاح الخط السياسي العام للخارجية السابق والتعبير عن وجهة نظر الحركة الشعبية في السياسة الخارجية على أساس أنه من القيادات المقربة من الفريق سلفا كير كما أنه يمثل خط الحركة الشعبية القديم بقيادة د. قرنق وعلى الرغم من أن مراقبين يعتبرون أن قدرات ألور التنفيذية محدودة، إلا أن الحركة الشعبية استخدمت المنصب في إحداث تداخل بين السياسة الخارجية للسودان ووجهة نظر الحركة الشعبية إذ أن مراقبين أشاروا الى أن دينق ألور ظل يعبر في الكثير من المناسبات عن وجهة نظر الحركة الشعبية رغم أنه يمثل الرئيس في الخارج مما يعرض أداء الخارجية للإضطراب والاختلال، ويعتبر المراقبون جنوح الوزير للتعبيرعن رؤية الحركة الشعبية في الأحداث والمواقف والسكوت عن سياسات الدولة مصدره تعميق الإنشقاق بين شريكي الحكم في مفاصل السياسة الخارجية، إذ ترى الحركة أنها لا تستطيع ان تساوم في صداقاتها العميقة مع الدول الغربية خاصة الولاياتالمتحدة وذلك على حساب صورة السودان الدولية، وقال المراقبون إنه كثيراً ما تدخل السفراء والمرافقون للوزير في بعض جولاته الخارجية لتصحيح بعض تصريحاته، وبالتأكيد على أنها لا تعبر عن سياسة الدولة الرسمية، إزاء ذلك قال المراقبون إن الوزير كثيراً ما تعرض لتقريع وبعض من عدم الرضى من الرئىس البشير وضح في كثير من تصريحاته غير المتحمسة مع قرارات الرئاسة مما باعد الشقة الموقف المضطرب للحركة الشعبية من محكمة الجنايات الدولية، إذا ان دينق ألور أطلق بعض التصريحات في شأن المحكمة تتعارض مع قرار مجلس الوزراء والمجلس الوطني بعدم التعامل مع المحكمة، وبحسب التقسيمات السياسية في الوزارة فإن وزير الدولة علي كرتي كلف بتولي مسؤولية الشأن العربي والإسلامي، لذا فالمتابع لتحركاته يلاحظ أنه الأكثر حضوراً في مؤتمرات الجامعة العربية ومؤتمرات القمم التابعة لها. والمتابع للشأن في الخارجية يلحظ أخيراً الغياب شبه الدائم للوزير لانشغاله بقضايا منطقة أبيي ومشاكل الحركة الشعبية الداخلية على الرغم من أنه لم يترشح في أي من الدوائر الخاصة بالحركة الشعبية فضلاً عن أن معلومات تشير الى أن الوزير سجل غياباً متعمداً عن كبريات قضايا السياسة الخارجية في السودان إنفاذاً لتوجيهات الحركة الشعبية، ولاحظ مراقبون عدم تأثيره المباشر على دولاب العمل اليومي في الخارجية إذ قلما يجتمع بكبار السفراء، على الرغم من أن البعض امتدح شخصيته المرحة وبساطته، وأسر ألور لبعض أصدقائه طبقاً لمراقبين رغبته في العمل بجنوب السودان على أن تسند وزارة الخارجية الى أحد النافذين في الحركة الشعبية. أداء الوزير دينق ألور خلال فترة توليه مسؤولية الشأن الخارجي وصفه خبراء في الشأن الدبلوماسي بالضعيف، وعزوا ذلك لسببين: الأول إنفاذ توجيهات الحركة الشعبية لتعميق الخلاف مع المؤتمر الوطني شريك الحركة في الحكم في قضايا السياسة الخارجية واستخدام المنصب للتعبير عن مواقف الحركة أكثر من كونها سياسة السودان الرسمية، أما السبب الثاني أرجعه ذات الخبراء لطبيعة ألور الشخصية التي لا تحبذ المتابعة اللصيقة للقضايا والموضوعات ومتابعة الملفات الملقاة على عاتق إدارة دولاب العمل العام بالوزارة. ويضيف متابعون ان تجربة ألور خصمت كثيراً من الدور المنوط بالوزارة في تنفيذ سياسة السودان الخارجية بما يقود هذا الأمر في ان تفكر قيادة الدولة في إعادة وزارة الخارجية ضمن المفاصل السياسية الى المؤتمر الوطني إذ حصل على الأغلبية في البرلمان أو أحد الشخصيات القومية ذات الكفاءة المشهودة وقد تكهن البعض بأن الوزارة في حال فوز الوطني ربما تعود اليه بعد الإنتخابات حيث يرشح البعض د. غازي صلاح الدين لتولي المنصب أو ان تعود الى أحد مرشحي الرئاسة حيث يتوقع ان يتم ترشيح د. كامل إدريس. هذه المواقف جعلت الوزير دينق ألور يبتعد كثيراً عن ممارسة مسؤولياته كوزير خارجية، وقد أعطت انطباعاً بأنه مغيب عن الأمور بالوزارة لكن العالمين ببواطن الأمور يؤكدون بأنه هو نفسه دينق ألور من أسهم بمحض إرادته في لعب دور المغيَّب عن الشأن الخارجي السوداني.