تسود الشارع العام بولاية النيل الأزرق هذه الأيام حالة من التوتر والقلق والترقب عقب الشائعات التي انطلقت خلال الفترة الماضية وعززتها التحركات الأمنية المكثفة في جميع أرجاء الولاية بدءًا من محلية الكرمك جنوباً والتي تقف فيها قوات الحركة الشعبية على أُهبَة الاستعداد فيما قدِمت إلى حاضرة الولاية الدمازين تعزيزات أمنية مكثفة نُشرت على نطاق واسع في المدينة سيّما مقر اللجنة العليا للانتخابات ودار اتحاد عام نقابات عمّال السودان الذي تجري فيه الآن عملية إذاعة أرقام الأصوات التي تحصّل عليها المرشحون في كافة مستويات التنافس الانتخابي من رئاسة الجمهورية ومنصب الوالي والبرلمان والتشريعي والدوائر النسبية والمرأة. ----- الشائعات المنطلقة في حواضر ولاية النيل الأزرق ك (انطلاق النار في الهشيم) أصابت المواطنين بالرعب وأشاعت البلبلة وزعزعت الاستقرار الأمر الذي أفضي بالعديد من المواطنين لمغادرة الولاية متجهين إلى ولاياتهم الأصل تجنباً لأية انفلاتاتٍ أمنية خلال الأيام الماضية، فضلاً عن ان التصريحات التي أطلقها رئيس قطاع الشمال بالحركة الشعبية ياسر عرمان، وأعلن من خلالها فوز مرشح الحركة مالك عقار بمنصب والي ولاية النيل الأزرق، أفضت بدورها لتهيئة منسوبي الحركة للاحتفال بالفوز وبالتالي تهيئتهم بصورة أكثر سلبية لعدم تقبل أي نتيجة أخرى غير تلك التي أعلنها عرمان على الملأ وتناقلتها كل وكالات الأنباء والقنوات الفضائية العالمية، الأمر الذي وصفه لنا رئيس اللجنة العليا للانتخابات بالولاية أحمد محجوب أحمد بأنه عارٍ من الصحة وقصد به التشويش وإثارة البلبلة والفتنة وسط مواطني الولاية، هذا التصريح دفع المفوضية القومية للانتخابات بالمسارعة بإرسال وفد رفيع المستوى برئاسة الدكتور مختار الأصم وعضوية كل من الفريق عبد الله الحاردلّو، والبروفيسور أكولدا مانتير، والخبير الوطني عثمان حاج الزاكي، لزيارة الولاية للوقوف على حقيقة الأوضاع واستقصاء الحقائق من مصادرها. وفور وصول الوفد لمطار الدمازين انخرط في اجتماعاتٍ مُكثّفة مع المسئولين بالولاية وتوجه مباشرة للالتقاء بوالي الولاية الحالي مالك الذي بدا بدوره متهجساً من الأوضاع السائدة بولايته، وابدى احتجاجاً شديد اللهجة على تكثيف التعزيزات الأمنية وقال للوفد إنها غير مبررة البتة وأردف بالقول (إن كانت للحرب فإن هذه الولاية عاشت حرباً طويلة الأمد والتمساح ما بهددوه بالغرق) وشدد على استتباب الأوضاع الأمنية ونفى بشدّة وجود أية مهددات أو تحركات أو اية ارهاصات تشي بحدوث انفلات أمني خلال الفترة القادمة، عقار عزا مايحدث الآن بولايته ل (التقارير الكاذبة والتصريحات السالبة حول نتائج الانتخابات) - على حد قوله- وتعهد بالمحافظة على استقرار الولاية وحفظ أمنها مهما كانت نتيجة الانتخابات والتي قال إن الحركة سترضى بها مهما كان شكلها سالباً أو موجباً، وعزا انطلاق الشائعات في الآونة الأخيرة لتأخير اعلان نتيجة الفرز النهائي لنتائج الإنتخابات بالولاية وطالب بتسريع اعلانها لتفريغ حال الاحتقان السائدة الآن وسط المواطنين، وبرأ عقار المفوضية القومية ولجنة الانتخابات العليا بالولاية من أية شوائب وأعرب عن ثقته الكاملة في أدائها ونزاهتها، وقال إنها أجرت العملية الإنتخابية في جو من النزاهة والحرية والديمقراطية بيد أنه اتهم جهاتٍ - لم يُسمِّها- بتزوير الانتخابات ونقل أشخاص من خارج الولاية للتصويت بداخلها فضلاً عن حدوث عمليات تزوير واسعة في دوائر الروصيرص والمنطقة الغربية من الولاية - على حد قوله. وفيما أقر عقار واعتبر حديث عرمان يُمثٍّل رأي الحركة الشعبية لتحرير السودان إلا أنه أنكر علمه بالمؤتمر الصحفي الذي عقده عرمان بالخرطوم أمس الأول لاعلان نتيجة الانتخابات بالنيل الأزرق، وقال إننا في الحركة لم نفًز بعد بالانتخابات وإن فًزنا فهو المطلوب وإن لم نُفز ف (ما عندنا مشكلة) ولكن من يضمن لنا الآخرين، وأضاف, نحن لم نحرك جيشنا ولا إرهاصات لدينا بذلك. وفي السياق اجتمع وفد المفوضية العليا للانتخابات بمرشحي منصب الوالي من كل الأحزاب بالنيل الأزرق والذي شهد نقاشاً وطرحاً حادّاً من قبل مًرشّحَي حزب الأُمّة القومي عصام الجبلابي والأُمّة الفيدرالي عبد الرحمن أبّكر آدم ساجو واللذين رفضا نتيجة الانتخابات أيّاً كان شكلها ومن الفائز فيها ووصفاها ب(المزوَّرة وغير النزيهة)، وخرج الجبلابي قبل انتهاء الاجتماع غاضباً، وشدّد ساجو على توتر الوضع الأمني بالولاية وخاصّة بين الوطني والحركة وانتقد طريقة لجنة الانتخابات بالولاية في اعلان النتيجة النهائية وشدّد على وجود تزوير، وقال إننا لن نعترف بالنتيجة النهائية ولن نوقع عليها، فيما طالب المرشح المستقل لمنصب الوالي باكاش طلحة، كافة الأحزاب والقوى السياسية بالولاية بتقبُل النتيجة النهائية للإنتخابات بصدر رحب وأشار لاتصاله بالعديد من رؤساء الأحزاب بالولاية لتهدئة النفوس والخواطر وإزالة الاحتقانات حرصاً على استقرار الولاية وحفظ أمنها بغض النظر عن النتيجة ولمن يذهب منصب الوالي. وفي السياق أكد لنا مُرشح المؤتمر الوطني لمنصب الوالي فرح العقار استعداد حزبه لتقبل النتيجة بروح رياضية وطالب الجميع بالعمل للاستعداد لمرحلة مابعد الانتخابات لقطف ثمار الديمقراطية والممارسة الديمقراطية الحرة، لجهة تأمين مسألة التداول السلمي للسلطة ورفض التعليق على حديث عرمان، وقال أحسب أن الجهة المسئولة عن ذلك هي المفوضية القومية ولجنة انتخابات النيل الأزرق، وأضاف (إن كانت لعرمان مصادر أعلنت ذلك، فإننا نعتبره صياحاً خارج السرب). وطالب الفريق عبد الله الحاردلو مسئولي اللجنة العليا للانتخابات بولاية النيل الأزرق، بضرورة تسريع عملية اذاعة ومراجعة الارقام التي تحصل عليها المتنافسون بكافة مستويات التنافس الانتخابي، وقدم لها حزمة من الموجهات الخاصة بتسريع الاجراءات بما يُفضي لاعلان النتيجة النهائية قبل العاشرة من صباح اليوم الأربعاء