«لملمت أغراضي وغادرت» هذا أول سطر من كتاب «بيت الجوع» للمؤلف الزيمبابوي دامبوزو ماريشيرا. هذه فقرة افتتاحية بائسة من كتاب بعنوان لاذع يليق بغالبية الروائيين الأفارقة الذين يعيشون في بيت جوع إستعماري . وفي اشادة لماريشيرا يقول الكاتب النيجيري هيلون هابيلا انه كان دائماً «يلملم» أغراضه ويغادر مع أنه لا يملك الكثير من متاع الدنيا» ومع ان ماريشيرا كان كاتباً مشهوراً في سلسلة الكتاب الافارقة ولم يكن لديه مقتنيات مادية تظهر تلك الشهرة، فقد كان مشرداً يتجول من مكان لآخر ينوم على مقاعد الحدائق العامة فيهاجمه اللصوص وفي أحسن الحالات كان ينوم على الأرض في منازل الآخرين ولم يكن يملك سوى آلة كاتبة وقليلاً من الكتب. وفي عام 1987 ترك أغراضه وغادر بلا عودة عندما توفى بمرض ذى صلة بالايدز. حياة كتاب الرواية الافريقية عموماً لا تختلف كثيراً عن رواياتهم «الشهرة والجوع يلتقيان في عناق بشع» الاديب البريطاني الشهير ايزاك اسرائىلي قال ذات مرة ان الثراء نادراً ما يلازم العباقرة. فقد عاشوا غامضين فيما كانت شهرتهم تملأ الآفاق- ولكنهم ماتوا فقراء بينما كانت مؤلفاتهم تثري بائعي الكتب. قلة فقط من الكتاب الافارقة يعيشون حياة رغدة اعتماداً على ايرادات كتبهم- مثل شبنوا اشيبي وولي سوينكا وبن اوكري ونور الدين فرح.. الروائي الكيني الوحيد الذي يعيش برفاهية على ايرادات مؤلفاته هو نقوقي دا ثيونق. من الصعوبة تحديد ما يجعل كاتباً روائياً ينتج مؤلفات أفضل مبيعاً «Best- Seller»، بل ان ما يجعل رواية من الفئة الأفضل مبيعاً يظل لغزاً حتى بالنسبة لدور النشر الكبرى التي تعتبر نشر رواية «مغامرة في حد ذاته» وبخلاف الكتب المدرسية التي تحرص على منهج واضح ويجعل تأليفها سهلاً وتوزع حسب طلب السوق- فإن نشر الرواية أكثر تعقيداً. تخمين أذواق القراء والمؤلفات المفضلة لديهم -صعب- حيث ان بعض تلك الجوانب لا يمكن تحديدها لبحث تجريبي. كيف لأي باحث ان يحدد أياً من الشخصيات أو احداث رواية جديدة تجد قبولاً عند القراء فيترجم إلى مبيعات. حتى إذا أجرى الناشر بحوثاً حول نوعية الرواية أو المسرحية أو قصة قصيرة يفضلها القراء في التحليل النهائي- فإن على الناشر ان يقوم بتخمين مدروس. الناشرون عادة يطبعون كتباً كثيرة ويأملون ان تكون بعضها من فئة الأفضل مبيعاً. «عادة نحو «03%» كتب يمكن تسويقها وأخرى تتعرض لنقد لاذع حتى تموت. لا توجد هناك أية صيغة واضحة للنجاح، حتى بالنسبة لكاتب واحد لا يستطيع بسهولة تكرار نجاح رواية سابقة في رواية جديدة. ثقافة قراءة متدنية -مهما يقول الناقدون- عامل رئىسي في الفقر في اوساط كتاب الروايات. اولئك الذين ما زالوا يحاججون ان ثقافة قراءة عالية في كينيا عليهم ان يشرحوا لكتاب الروية لماذا يكسب مؤلف رواية رائجة فقط «20.000» شلن كيني «256» دولاراً» أو أقل في العام. ولكن بمجرد ان يختار معهد كينيا للتعليم رواية معينة لتكون مادة الزامية في المدارس فإن المؤلف يصبح مليونيراً على الفور. فإذا لم يكن ذلك ثقافة قراءة بائسة -فماذا يكون إذاً؟ الناشرون الكينيون متهمون باستغلال المؤلفين «حتى السرقة منهم» ولكن الحقيقة إذا كان الناشرون أمينين ما فيه الكفاية فإنهم يقولون لكن ان مبيعات بعض الروايات متدنية «100» نسخة سنوياً. أنواع تسلية بديلة خاصة التلفزيون والصحافة الحديثة- ستجعل المؤلفين الكينيين أكثر فقراً فمزيد من الناس ذوي القدرة الشرائية يسعون إلى اشباع سريع لرغباتهم. وفي ظل هذه الأوضاع لماذا إذاً يكابد الكتاب لتأليف الروايات؟ طبعاً بجانب رغبتهم لترك إرث أو لمجرد الشهرة- فمن الممكن ببعض الابداع وجريمة كبيرة من الحظ ان يجني المؤلف مالاً طيباً. ويقول دان براون مؤلف كتاب «دافينشي كود» الذي يعرف شيئاً عن جني المال من الكتب: «ان الكاتب الناجح ليس هو البروفيسور الذي يسمعك في المقهى والذي يقول «آه.. لو لم أكن مشغولاً بمسئوليات التدريس فقد كان يمكنني أن أجلس للكتابة واصبح كاتباً عظيماً..». حتى إذا لم تكن الجائزة المالية فوراً أو «لا سمح الله» لا تصل ابداً- فإن هناك أسباباً كثيرة لاستمرار المؤلفين في الكتابة، فالكتابة تجعل المؤلف خالداً، فشكسبير ما زال حياً حتى يومنا هذا عبر أعماله. ففي بعض الأحيان فإن الأمر ليس حول النقود. «الكاتب مدير النشر في شركة ماكميلان كينيا للنشر».