شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    انشقاق بشارة إنكا عن حركة العدل والمساواة (جناح صندل ) وانضمامه لحركة جيش تحرير السودان    على الهلال المحاولة العام القادم..!!    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    مناوي يلتقي العمامرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    أول تعليق من ترامب على اجتياح غزة.. وتحذير ثان لحماس    فبريكة التعليم وإنتاج الجهالة..!    تأملات جيل سوداني أكمل الستين    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    مقتل كبار قادة حركة العدل والمساواة بالفاشر    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    بيراميدز يسحق أوكلاند ويضرب موعدا مع الأهلي السعودي    أونانا يحقق بداية رائعة في تركيا    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    "خطوط حمراء" رسمها السيسي لإسرائيل أمام قمة الدوحة    دراسة تكشف تأثير "تيك توك" وتطبيقات الفيديو على سلوك الأطفال    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    لقد غيّر الهجوم على قطر قواعد اللعبة الدبلوماسية    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    هالاند مهاجم سيتي يتخطى دروغبا وروني بعد التهام مانشستر يونايتد    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب اللغات العالمية

«من يعرف لغتنا سيشتري بضاعتنا» الرئىس الفرنسي السابق جيسكار ديستان في العام 2007قام الكاتبان الفرنسيان «ميشيل لوبري، وجان روا» بإعلان مانيفستو مشهور يدعو إلى عالمية الأدب الفرنسي وانتشاره في اركان الكون الأربعة. ومن ضمن الموقعين عليه الكاتب الفرنسي «لوكليزيو» والذي نال جائزة نوبل بعد ذلك في العام الذي يليه.. وهذا المانفيستو يدعو إلى موت «الفرانكفونية» لأنها فكرة جغرافية ضيقة.. اروبا تتقدم و هي دعوة مسبوقة في أوروبا، دعى لها من قبل الكاتب الألماني «جوتة» والذي كان يتمني ان تسود ألمانيا العالم بالأدب واللغة والثقافة.. وقد أصبح ذلك هاجساً قومياً في أوروبا كلها ان تسود لغة على أخرى ثم تصير قطباً للثقافة والأدب العالمي.. وعند سقوط الشيوعية في أوروبا الشرقية والتي كانت اللغة الروسية مفروضة فرضاً على الطلاب فيها، وبعدإلغائها، حاولت فرنسا ونجحت في ذلك ان تقوم اللغة الفرنسية بالإحلال في مكانها. ومن سياسات القسم الثقافي في وزارة الخارجية الفرنسية، ان تتغلغل اللغة الفرنسية في دول العالم الثاني الأنجلوفونية، وقد أخذت في الانتشار السريع في نيجيريا وجنوب أفريقيا، وكينيا ويوغندا وغيرها.. وهي حرب قوية، وتنافس مشروع.. وقد تلاحظ في العام 2008 حيث نال الكاتب الفرنسي «لوكليزيو» جائزة نوبل بعد عشرين عاماً من آخر فرنسي نالها، وبعد معركة ثقافية ضارية من الصحف والمجلات الثقافية الفرنسية، وفي المؤتمر الصحفي لإعلان الجائزة الذي تلى فيه أمينها العام «هوراس انجادال» وهو يتحدث الفرنسية بطلاقة قائلاً: «ان الأمم العظيمة في عالم اليوم، هي التي تمتلك أدباً عظيماً، ودون محاباة فإن هذه الأمم العظيمة توجد في أوروبا، وليست الولايات المتحدة الامريكية، والعالم كله يشهد على أن الأدب الأوروبي هو أعظم أدب إنساني في الكون، إن الولايات المتحدة أصبحت معزولة ثقافياً، وترجمات الأدب الامريكي أصبحت قليلة، وقد قلَّ التبادل الثقافي بينها وبين بقية العالم» وفعلاً قد تلاحظ ذلك حيث أغلقت الولايات المتحدة مراكزها الثقافية في العالم الثالث وقد أضر ذلك كثيراً الأدب والثقافة الامريكيتبن.. وقد طال العهد الذي نال فيه أديب امريكي جائزة نوبل، وذلك ومنذ العام 1993حيث نالتها الكاتبة الامريكية «توني موريسون». والآن قد إتضحت الأسباب. وفي عالم الرواية الآن، وهو الجنس الأدبي الذي طغى علي بقية الأنواع الأدبية الأخرى، وأصبح يعطي لكاتبه الجيد شهادة العالمية والشهرة، بل والمال والثروة، والعظمة للوطن الذي ينتمي إليه، فإن زمن الروائيين الكبار في امريكا قد ذهب وولى.. والآن في أوروبا لا يعرف أهلها من الروائيين الأحياء سوى ثلاثة كبار هم «دافيد فوستر والاس» و«وديليام تي قولمان» و«جوناتان فرانزن» وهم حتى في أوروبا لا يعرفهم إلا خاصة المثقفين في أوروبا.. وقد أشار المحرر الثقافي لصحيفة سالنيويوركر» بأن الامريكيين، قد أصبحوا يتحسرون علي ماضيهم الثقافي، ويجترون الاسماء التي نالت جائزة نوبل في الماضي.. وفي مقال لرئيس القسم الثقافي لصحيفة «الواشنطن بوست الامريكية» أكد فيه بأن الرواية الامريكية اصبحت محلية منكفئة، يكتبها أصحاب الأقليات حنيناً إلى أوطانهم الأصلية، ولعناً للجنة الزائفة التي وجدوا نفسهم فيها.. بعضهم برغبته وبعضهم بالميلاد.. وهذه الروايات، أغلبها لا تعبر عن الثقافة الامريكية الأصيلة.. سباق فرنسي انجليزي وقد أجمع كبار النقاد والمتابعين للشأن الثقافي الامريكي والإنجليزي بمعناه العريض، بأن ترجمات هذه الآداب قد قلت، لأن أهل الشأن قد إعتمدوا على عالمية اللغة الإنجليزية، وقد أضرهم ذلك كثيراً.. وفي هذا تتفوق عليهم فرنسا، بحيث أن ثلث الروايات الفرنسية التي تكتب سنوياً، تصاحبها ترجمة مصاحبة لها لاغلب اللغات الحية في أوروبا.. «متوسط الرواية السنوية في فرنسا هو حوالي خمسمائة رواية» وخاصة إلى اللغة الانجليزية.. ويعترف الفرنسيون، ان قوة اللغة الإنجليزية هي السبب في ذلك، وان الأدب العالمي تسيطر عليه سيطرة كاملة، ويرجع السبب في ذلك إلى سيطرة الاستعمار الإنجليزي على أغلب أرجاء العالم في الزمن الماضي. وقد ساعد الرواية الانجليزية كثيراً انها قد كسبت كتاباً ليست الإنجليزية لغتهم الأم، ولكنهم وجدوا فيها ما يؤكد إنسانيتهم ويعبروا بها عن أحاسيسهم وأفكارهم مثل الروائي «جوزيف كونراد» والروسي «ناباكوف» ومن أشهر الروايات المتداولة الآن في الولايات المتحدة رواية للكاتب «البوسني» سألكساندر هومن» بإسم «مشروع المشرد» وهذا الروائي يكتب بالإنجليزية رغم أنه ليس مولوداً في الولايات المتحدة، وهو مقيم بها منذ العام 1993 فقط، ويحمل درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية. «بعض من الكتاب السودانيين يعيشون في امريكا واستراليا وانجلترا، بعض منهم أو أغلبهم حتى الآن لا ينطق جملة إنجليزية صحيحة، ناهيك عن ان يكتبوا بالإنجليزية. يتحفوننا سنوياً بزياراتهم ونكتشف ان ليس عندهم ما يقولونه حتى باللغة العربية فهم خارج الشبكة عن ما يحدث ثقافياً في وطنهم وفي خارجه».. وهؤلاء الروائيون المهاجرون الجدد يدل علي ان اللغة الإنجليزية بدأت تستقطب وتفتح دروباً جديدة للكتابة.. وهناك مثال آخر للروائي الروماني «سيوران» والذي يحكي عن شبابه وهو يعيش في وطنه في العام 1949، يقول «منفيون في ركن قصي من أوروبا، مهملون من باقي العالم، نريد ان نلفت نظر الآخرين إلينا، نريد ان نتسلق التاريخ لنلحق بالآخرين، نزيل العقبات التي أمامنا، نتلمس طريقنا وسط الظلمة، الماركسية، التي تسجن الكاتب وتصادر ما يكتب..».. هذا الروائي الروماني يعيش في فرنسا ويكتب بالفرنسية، وكان يقول كرهت لغتي الأم لانها تذكرني بالطغيان والاستبداد. وما قاله هذا الروائي الروماني هو نفسه ما عبر عنه الروائي «ميلان كونديرا» وقد قال عنهم هؤلاء هم العباقرة المنسيون في أوطانهم.. وهم يكتبون واقعهم المرير الواقع الذي لم تعشه أوروبا الغربية حيث الحرية والديمقراطية. ومثل هذه الروايات التي يكتبونها أصبحت إضافة للأدب والثقافة العالمية.. والذين يؤكدون انسانيته وعالميته التي لا تعرف الحدود والجغرافيا.. وقد عبر عن ذلك «ميلان كونديرا» في روايته «الستارة» «أننا نكتب واقعنا المر، لان الدول الكبرى تريد ان تحتكر الثقافة وخاصة كتابة الرواية، وأن تدير ظهرها للثقافات، واللغات الأخرى.. هذه المنافسة الشريفة يبدو أن الدول الكبرى تخاف منها، وهي تعتقد باطلاً بأنها من الشهرة والغنى والعظمة الأدبية، ما لا تحتاج به لثقافات الآخرين، ولا تهتم بما يكتبونه.. وروايته هذه «الستارة» واللقاءات التي أجراها، يشرح فيها أفكاره، التي أثارت ضجة كبرى والذي يثبت بأن «ميلان كونديرا» رغم الشهرة والثروة التي اكتسبها والسمعة الروائية الممتازة التي عرفها العالم كله، والتي لم يكن لينالها لولا أنه لم يعش في فرنسا، وسط الديمقراطية والحرية، فإنه لا يزال يشعر بأن أوروبا تريد تهميش الدول الصغرى ثقافياً وأدبياً. حوار الثقافات وقد اشتهر «كونديرا» بدعوته إلى عالمية الأدب، وحوار الثقافات، والتي ضمنها في رواية «الستارة» ويقول «كونديرا» دائماً، بأن هناك نصين في عالم الرواية في العالم كله، أحدهما ضارب في المحلية والاقليمية الضيقة ويطلق عليه «كونديرا» «النص الهزيل» وأحياناً «النص الضعيف» أو «النص البدوي الريفي».. بحيث يتحرك في نطاق سردي ضيق، وفضاء جغرافي لا يعرفه الآخرون، ولم يستطع الكاتب أن يستخرج منه نماذجاً انسانية مثالية.. و«النص الكبير» أو العظيم، وهو عكس النص الأول، والذي يتمدد ويجد نفسه في كل فضاء وبيئة، وفي كل لغة يترجم إليها، وهو نص عالمي، والذي يكتب بالشغل الروائي الذي يعرفه الجميع، ولكن هذا النص لن يكتبه الجميع. «ويقول كونديرا» ان الواقعية المحلية الضيقة تضيق خيال الكاتب الروائي، وتجعله بعيداً الواقعية الانسانية الواسعة «والممتدة.. وللأسف فإن الذين يكتبون الرواية حتى في العالم الحديث لا يقرأن تاريخها وتطورها، لو وضعناها بمقياس النص الإنساني الفسيح وليس المحلي الضيق.. وقد قال «كونديراً» أن الروائيين ا لكبار في العصر الذهبي لكتابة الرواية كانوا يكملون بعضهم ويجاوبون على اسئلة بعضهم دون ان يعرف أحدهم الأخر، أو تحتى يتكلم لغته، ويعتبر كوندير، إنه الوحيد الذي قد فهم جيداً الكاتب الألماني «جوتة» والذي أع لن في العام 1920 أن الأدب الاقليمي لا يمكن ان يقول شيئاً في عالمنا اليوم، نحن اليوم في دائرة الأدب العالمية والتي يجب ان يعمل على توسيعها والدخول فيها كل الكتاب في العالم». و«جوتة» لا يرفض كتابة الواقع المحلي، ولكنه يرى أن تكون المحلية جسراً إلى العالمية والأدب قد أخذ منحى الاقتصاد في البحث عن هذه العالمية.. وهذه الدعوة جاءت متضمنة في ما أصدره «ماركس وانجلز» بعد عشرات السنين من «جوتة» حيث يقول بيانهما «ما يمكن ان يحدث للإنتاج المادي، يمكن ان يكون هو نفسه مناسباً لما يحدث للإنتاج الانساني، ذلك بأن هذا الإنتاج الانساني لكل دولة، سيكون ملكية عامة، ومن هذا الإنتاج الانساني المحلي والاقليمي سينشأ الأدب والثقافة العالمية..».. وكما يقول كبار النقاد والمتابعون لحركة الثقافة العالمية في ماضيها وحاضرها، فإن نظرية الكاتب الألماني «جوتة» حول كونية وعالمية الأدب، يوجد بها عيب وخلل ما وهو ما تفاداه الروائي «كونديرا» وهو يدعو إلى نفس ما كان يدعو له «جوتة» في فكرته حول عالمية الأدب والثقافة.. بحيث يقول «كونديرا» بأن الثقافة العالمية، هي التنوع والتعدد، وليس سيطرة لغة واحدة، أو ثقافة معينة وهو بذلك يختلف عن الكاتب الألماني الكبير «جوتة» والذي كان يرى بأن اللغة الألمانية هي القادرة على ان تكون لغة الثقافة العالمية، إذا تبناها كل العالمم. وكان «جوتة» يرى بأن الانسان الأوروبي، ليس بالضرورة ان يتعلم اللغة الاغريقية ، أو اللاتينية، أو حتى اللغة الإيطالية، فاللغة الألمانية وتعلمها يكفيك عن كل هذه اللغات ويمكن ان تقرأ بها «هوميروس وفيرجيل، ودانتي» فالترجمات الألمانية لهذه الأعمال كما يرى «جوتة» هي أحسن الترجمات في العالم لهذه، الأعمال الخالدة، بل يرى أن الذي يقرأها بالألمانية لا يحتاج ان يقرأها حتى بلغتها الأم.. عالمية مستحدثة وما يمكن قوله بأن الثقافة يمكن ان تزيل الحدود المصطنعة بين الدول، ويمكن القول بأن امريكا مع بريطانيا والدول الناطقة بالانجليزية، يمثلان الآن ما كان يحلم به الكاتب الألماني «جوتة» فيما يخص سيطرة لغة واحدة على الثقافة والأدب العالمي.. وهذا ما قصده الأمين العام لجائزة نوبل «القطاع الثقافي» وهو يقدم أمام الصحافيين مرافعته عن أسباب فوز الفرنسي «لوكليزيو» وهو يقول «إن هذا الكاتب ليس كاتباً فرنسياً، إنه شخصية عالمية، متنقلة، داخل كل الأماكن والفضاءات ونهل من كل الثقافات.. فهو كاتب عالمي، يستحق جائزة عالمية».. كتب هذا الروائي عن الصحراء، وكتب عن الحضارة المروية السودانية، وعن أنهار افريقيا، وحضارة تمبكتو، وعن امريكا اللاتينية بسحرها وغموضها».. وهو متزوج من إمرأة أمازيغية يقول انه عندما يدخل منزله، يحس بالدفء الصحراوي، وان كل البرودة والصقيع الذي بداخله قد ذاب وانتهى». كانت أغلب النقاشات التي تدور في أروقة الاحتفال بالجائزة تدور حول عالمية الأدب، وبعضهم قال إن «الانترنت» لو كان موجوداً في عهد «هتلر» لما قامت الحرب العالمية الثانية.. ولوكليزيو من الذين يؤىدون كما قلت «عالمية الأدب» حيث أشاد في خطابه أمام لجنة نوبل بالكتاب الأفارقة «حيث المستقبل لهم»، وهم يقدمون نماذج لا توجد في المجتمعات الأوروبية كما حيا شعراء وكتاب امريكا اللاتينية الذين يمثلون النقاء والبراءة الانسانية الأولى.. ويعتقد هذا الكاتب الفرنسي، ان كتابه «ما بعد الكولونيالية» تعتبر نوعاً من إثبات الهوية وأن هندياً من شمال كندا القصي، لو أراد ان يعبر عن ذاته وهويته، وثقافته، بصوت يسمعه العالم كله، فليس أمامه، وللأسف الشديد إلا أن يعبر بلغة المستعمر الذي أباد شعبه ومحاه من الوجود واستولى على أرضه.. وهذا ما يسمى بالظلم الثقافي الخالد.. وقد أقيمت قبل أشهر، ورشة عن النشر والرواية والجوائز الفرنسية وقد ذهب المتحدثون فيها أن أغلب جوائز الرواية الفرنسية قد ذهبت إلى كتاب ليست الفرنسية عندهم هي اللغة الأولى، «اللغة
الأم» مثل الروائية الكندية «نانسي هيوستن» والتي نالت جائزة الأدب النسائي الفرنسية، ورغم لغتها الانجليزية الأم، فهي تكتب بالفرنسية، ونال الكاتب الكونقولي «ألان باماكو» والذي يعيش في الولايات المتحدة «جائزة رينودو للرواية» أما الجائزة أو الرواية التي نالت ضجة فهي التي نالها الروائي الامريكي «جوناثان ليتل» عن روايته المشهورة «المسامحون» والتي نالت جائزة الاكاديمية الفرنسية، ثم جائزة «جونوكور» وهي رواية تتكون من تسعمائة صفحة، تتحدث عن أحداث الجبهة الشرقية في زمن الحرب العالمية الثانية، وبطلها هو أحد الضباط الذين شاركوا في الحرب ثم في إتفاقية السلام والصلح.. وقد وزعت في الطبعة الأولى وفي خلال شهر واحد، ثلاثمائة ألف نسخة.. وهذه الجوائز وهذا الانفتاح على ما يكتبه الأخرون هو نوع من ذكاء المؤسسة الثقافية الفرنسية، والتي تريد للغة ان تنافس سيطرة اللغة الإنجليزية في الهيمنة على الثقافة العالمية.. وقد بدأت الدعوة لعالمية الثقافة، ودور الفرنسية فيها يعلو ويزداد وتزداد التوقعات بالالتفات إلى الثقافة العالمية وليس إلى الدائرة الفرانكفونية المغلقة.. ولا يأتي هذا إلا بالتركيز على البعد الجمالي في الرواية الفرنسية والتي تمثل عمود الأدب الفرنسي. وهي التي ستعيد إكتشاف الواقع الانساني.. هذه الرواية التي أصبحت البطاقة الشخصية للكاتب لكي ينحو نحو العالمية، ولا يهم لونه أو جنسه، وانجلترا أيضاً قد بدأت تفتح ذراعيها لهؤلاء الكتاب، أمثال «كازوا شيغورو» و«ضيف قرشي» و«بن أوكري» و«سلمان رشدي» الذين يمثلون الإعلان الجديد للأدب العالمي في القرن الحادي والعشرين.. وبإعتراف الكبار من الكتاب والنقاد في كل العالم بأن اللغة الإنجليزية لاتزال هي لغة العالم والثقافة العالمية التي لا تنازعها لغة حتى الآن وحتى أشعار آخر.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.