الدكتور أمين حسن عمر الرجل المنهمك في مجادلة حركة العدل والمساواة قذف الى الصحف قبل حوالي الاسبوع بفكرة راقت للكثيرين، ولكن اتضح بعد برهة وجيزة انها فكرة سريعة التلف، او بتعبير ادق انه تم وأدها قبل ان تجد محاضن سياسية وصحفية تعينها على النمو والكبر. جوهر الفكرة التي طرحها الدكتور أمين هي انه ب (حاء)الحساب وليس (حاء) الحب فإن المؤتمر الوطني بحاجة الى التقارب مع حزب الامة القومي بزعامة السيد الصادق المهدي، بل ان امين كان كريما مع حزب الأمة- على غير العادة- حينما اشار الى ان حاجة الوطني للتقارب مع الأمة أكبر من حاجة الأخير الى الأول. الصيغة اللطيفة والسمحة التي طرح بها د.أمين فكرة التقارب، استنبط منها الكثيرون ان حزب الأمة تم ايراده على سبيل المثال لا الحصر، اذ لا يتصور احد ان الوطني بحاجة الى الأمة فقط وليس للاتحادي مثلا. د.أمين كان كريما هذه المرة، لأنه من المعارضين للحكومة القومية كصيغة ثابتة للحكم، وبالتالي فهو يرى ان الحكومة القومية ينبغي ان تشكل للالتفاف حول برنامج معين او للاضطلاع بمهمة محددة، وربما تكون هذه بالضبط هي حاء الحساب التي قصدها الدكتور. وبتفصيل - وربما اجتهاد- فإن (حاء)الحساب لن تخرج - وفق كل الحسابات- بعيدا عن فضاء مشاركة حزب الامة بصورة من الصور في المهام التي ستضلع بها الحكومة القادمة، وأولى هذه المهام مسألة تقرير المصير لجنوب السودان ومتعلقات انفصاله ومترتبات وحدته، ويليها المشورة الشعبية لجنوب النيل الازرق وجنوب كردفان وهما المنطقتان تحديدا اللتان اعلن حزب الأمة انه سيشارك فيهما انتخابيا..ويدخل بالضرورة موضوع الدستور الدائم ضمن هذه المهام الملحة. ويرد في (حاء) الحساب التي تفرض على الوطني التقارب مع حزب الأمة استكمال السلام في دارفور.. حزب الامة من اكبر الاحزاب التي لها روابط عميقة بالاقليم تتجاوز محض عضوية عددية الى ارتباط صاغته عقيدة دينية وتداخلت فيه عوامل التاريخ والجغرافيا. ولأن عملية السلام في دارفور أعمق واشمل من مجرد التوصل الى اتفاق مع حركة العدل والمساواة، فربما كان د.امين يقصد اهمية التشاور مع الحزب في افشاء السلام الاجتماعي وترسيخه بين المكونات السكانية في الاقليم. المهم هو ان (الحاء) التي رفعها الدكتور امين (تجندلت) بعد أول اجتماع للمكتب القيادي للمؤتمر الوطني، فعلى اثره تم الاعلان عن استبعاد الاحزاب المقاطعة للانتخابات من الحكومة التي ستتشكل بعد اعلان النتيجة، ويدخل الامة دخولا اوليا- كما يقول أهل الفقه- في زمرة الاحزاب المقاطعة للانتخابات. واتضح ان الحساب(فارق)، فقد سقطت (حاؤه) من على طاولة المكتب القيادي، واصبح من العبث الذي لا طائل منه السؤال بعدها عن (حاء) الحب.