تلهج القوى المعارضة بالدعوى والقول بتزوير الإنتخابات في شمال السودان، بينما تسكت عن الذي يقع في الجنوب من عمليات واضحة وصناديق ظَلّت مفتوحة غير عابئة بموعد المفوضية لنهاية العملية. ولدواعي الفكرة نسلم جدلاً بصحة الإنتخابات وفقط نشير للنسبة العالية التي حصل عليها مرشح حكومة الجنوب ومرشح الرئاسة في الجنوب. أغلب المناطق التي نال فيها المرشح عمر البشير أصوات قليلة في الجنوب هي التي تسكنها قبائل من غير الدنيكا الذين يشكلون عماد الحركة الشعبية وأقلها في مناطق النفوذ التقليلدي مثل بور ورومبيك. الدلالة الأكبر في هذه النتيجة هي في الوقوف عند تصريحات السيد سلفاكير، التي أعلن فيها أنّهم في الجنوب، إنما يدعمون ترشيح الرئيس البشير وجه سيادته قواعد الحركة الشعبية بالتصويت له. وكانت النتيجة تحتمل أن يكون هذا موقفاً إعلامياً سياسياً اهدافه تحسين العلاقة مع الشريك التي تقود إلى حق تقرير المصير. أو أنها لم تجد قبولاً عند القواعد وهذا يدلل على ضعف السيطرة أو النزوع القوي نحو التوجه الجديد الذي يقول لكم سودانكم ولنا سوداننا، واننا نضع أصواتنا في رمز شخص أعلنت حركتنا أنه منسحب، ولذلك فإنّ الريح والهواء الطلق أفضل من نتيجة تدعم الشريك الأصيل ورفيق درب السلام واتفاق نيفاشا. فضلت قواعد الناخبين في الجنوب أن تعطي أصواتها لمرشح لا يريد المنصب بدلاً عن وضعها فارغة. لا يمكن لعاقل أن يؤمل أن تكون نتيجة الاستفتاء بأفضل حالٍ من رئاسة الجمهورية حتى إذا جاء التصويت مبرأً من كل عيب ولم تدخل الصناديق إلاّ الأوراق الصحيحية والسليمة. لم تعد الحركة الشعبية من يحالفها حُسن العلاقة والصلة، فقد باعت الجميع التجمع الوطني المعارض وتجمع أحزاب جوبا وياسر عرمان والمؤتمر الوطني منذ الاستقلال ظل أهل الجنوب يطالبون بالفيدرالية ورفضنا مطالبهم ورأينا فيها نزوعاً نحو تقسيم البلاد، ثم طالبوا بالكونفدرالية وحسبنا ذلك انفصال مغلف.. ويطالبون اليوم بحق تقرير المصير وليس أمامنا إلاّ أن نأمل أن تكون هذه المطالبة من باب الحصول على الحق في الخيار السلمي لتحديد المصير والمآل. و العزاء أن يظل أمل الوحدة حتى وإن ضعف وأن ينمو هذا الأمل في المستقبل بأن تقرر طائفة من الأمة أن تنفصل ثم تقرر مرة أخرى أن تعود وإن كان السراب خادعاً، فإنّ الأمل منعش وبه تهفو النفوس لكل عصي وصعب ومستحيل.