زلزال سياسي كبير ضرب الساحة السودانية أمس بإعلان نتائج الانتخابات النهائية للمواقع التنفيذية الأعلى، رئاسة الجمهورية ورئاسة حكومة الجنوب. الزلزال ليس في فوز المشير عمر حسن أحمد البشير بمنصب الرئيس لأن هذا الفوز متوقع ولم يكن مفاجئاً.. ولا في فوز الفريق سلفاكير برئاسة حكومة الجنوب فهو فوز متوقع ولم يكن مفاجئاً، وربما كانت المفاجأة الوحيدة هي حصول السيد الفريق سلفاكير على نسبة (92%)، وهي نسبة تؤكد بالضرورة تدخلات الحركة الشعبية والجيش الشعبي في اتجاهات صوت المواطن الجنوبي الانتخابي، رغم أن السيد سلفاكير لم يكن في حاجة إلى ممارسة بعض منسوبي الجيش الشعبي أو الحركة الشعبية، لإرغام الناخبين على الاقتراع لصالحه أو عدم التصويت لغيره. الزلزال الذي وددت الإشارة إليه هو عدد الأصوات التي حصل عليها بقية المرشحين لمنصب الرئيس، رغم المقاطعات التي أعتبرها مقاطعة سياسية لا قانونية، لأنها لم تمنع الناخبين من أن يصوتوا لصالح المنسحبين.. فالزلزال هو المفاجأة التي كشفت عن أحجام وأوزان المرشحين الحقيقية، وهي أوزان مقدرة ومعتبرة طالما كانت تمثل قطاعاً أو شريحة سياسية في حالة مرشحي الأحزاب، أو اجتماعية في حالة المرشحين المستقلين.. ولكنها تجعلنا من الداعين لعدد من المرشحين لأن يكونوا ضمن قائمة الذين يرحمهم الله بمعرفة أقدار أنفسهم. أول نتائج زلزال الأمس الظاهرة هو عدد الأصوات الضخم الذي حصل عليه مرشح الحركة الشعبية للرئاسة الأستاذ ياسر عرمان، فقد تجاوز العدد المليوني صوت، وفي هذا إشارة إلى مدى التزام عضوية الحركة الشعبية بالتصويت لصالح مرشحيها، رغم قرار المقاطعة المعلن من قبل (عرمان) و(باقان)، وهذا يؤكد أن هناك تياراً قوياً داخل الحركة أصبح هدفه الانفصال بعدم الاتفاق أو التنسيق مع الشريك الأكبر في السلطة، وعدم توجيه ناخبي الحركة الشعبية للتصويت للرئيس البشير، أولاً عندما تم طرح الأستاذ عرمان مرشحاً للرئاسة، وثانياً بعد انسحابه أو سحبه من الانتخابات، إلاّ أن أصوات الحركة توجهت نحوه في رسالة واضحة للوطني بأن التحالف معه (مرحلي). أما أخطر نتائج الزلزال الأخرى فهي انكشاف أوزان وأحجام القادة والزعماء الكبار، الذين تراجعت أعداد من صوتوا لصالحهم تراجعاً كبيراً من آخر انتخابات تعددية، مما يتطلب منهم دراسة الوضع داخل أحزابهم وتحليل النتيجة حتى يسرعوا لمعالجة الأوضاع، التي إن تركوها كما هي عليه الآن فإن النتائج القادمة ستكون وخيمة. الذي حدث زلزال بكل المقاييس فهل ينتبه السادة المرشحون.. والسيدة..؟.. ليتهم ينتبهون قبل أن يفوت الأوان.. ومبروك للشعب السوداني هذا الفوز الكبير في تجربة تستحق أن نخضعها للدراسة والتقييم، لأنها أي الانتخابات جاءت سلسة من غير شوائب تعكر صفوها.