لو كان البحر مِداداً لأخبار العجائب والغرائب لِما جفّ هذا البحر... فكلما اغترفت وكالات الأنباء منه امتلأ بالأكثر غرابةً والأشدّ عَجَباً! نشرت صحيفة (الصن) البريطانية بأنّ سيّدة انجليزية مُرضِعة لإبنتها ذات الثمانيّة أشهر صنعت الفطائر والكيك والكعك من لبن ثديها... قدّمته أولاً لأفراد اسرتها فاعجبهم فصارت تصنعه وتقدّمه فى أسواق الأطعمة... ولمّا زاد الإقبال على منتجاتها الغذائيّة وحلوياتها المصنوعة من لبن ثديها صارت تستخرجه بمضخّة خاصة لزيادة الإدرار ولمقابلة الطلبات المتزايدة! وبعد أسابيع عرف بعض الزبائن مصدر هذه الألبان فانفضوا عنها وتسرّب الخبر لآخرين فبدأت بطونهم تدور وعرفوا طريقهم إلى القيئ... ولمّا تَنَاقصَ الزبائن وانسحب معظمهم غضبت صاحبة المصنع الغذائى الآدمى وفنّدت حُجّة الزبائن بأنّهم لا يتأففون من تناول ألبان الأبقار القذرة, ويتأففون من لبنها الصّحى النظيف الغنى بالفيتامينات النادرة! نحن بنو آدم وحوّاء فى الخريطة البيولوجيّة أعضاءٌ فى (منظّمة) ذوات الثدى... يجمع بيننا وبقيّة أعضاء (المُنظّمة) أنّ إناثنا مُنْتِجاتٍٍ للألبان... ومع انّنا نتشارك فى خاصية الرضاعة إلا انّنا نقع فى صدارة ذوات الثدى بعد ان نلنا شهادةً تكريم إلهيّة مكتوب عليها (ولقد كرّمنا بنى آدم)! الفرق بين ألباننا وألبانهم أنّ إنتاج ذوات الثدى يباع ويشترى من الأسواق والمزارع حليباّ ومجفّفاً, كامل الدسم او منزوع الدسم... أمّا لبننا فيتناوله الأطفال مباشرة من المصنع... فالثدى هو أوّل مصنع لإنتاج اللبن الطبيعى... والثدى بتكوينه هو الوسيط الحيوى لنقل اللبن الطبيعى من الأم إلى الطفل الرضيع... فالأم هى منطقة الإنتاج الوحيدة والأطفال الرُضّع هم وحدهم المُستهلِكون! الحكمة الإلهيّة أرادت حليب الحيوانات لكل الأعمار ولتتناوله بكل الوسائل... أمّا الحليب الآدمى أو (الحوّائى) فله فئة عمريّة واحدة تتناوله بطريقة واحدة هى الرضاعة الطبيعيّة وهى (تكنيك) أرق من الشفط وأعنف من الإستحلاب! أرادت السيّدة الانجليزية تغيير وظيفة الثدى فارتدّت التجربة عليها... سعت لمنافسة المصانع والمزارع والباعة الموزّعِين, مُخَالِفة بذلك معايير الجودة الإلهيّة... أرادت تسليع لبن الأم ضمن حركة التجارة العالميّة, بل بحثت لألبان الأمّهات عن الإنفصال مثل ألبان كوسوفو!!