قبيل انفجار أزمة «مواسير الفاشر» بساعات علي النحو الخطير وجعلها مادة اجتماع لمؤسسة الرئاسة، بدأت بوادر توترات قديمة متجددة بين مني اركو مناوي كبير مساعدي رئيس الجمهورية، رئيس السلطة الانتقالية لولايات دارفور ووالي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر، تَصَدّرَت الصحف، وكانت السلطة الانتقالية لولايات دارفور هي أصل المشكلة، حيث قال كبر ابتداءً، إنّه سَيتشاور مع الولاة المُنتخبين حول استمرار مناوي رئيساً للسلطة، ورَدّ عليه مناوي بسرعة بأنّ الأمر لا يعنيه وعليه الالتفات الي شؤون ولايته خاصة قضية «سوق المواسير»..! وما بين مناوي وكبر قديمٌ، لا يُمكن فصله أساساً عن ما بين الحركات المسلحة التي قادت الصراع في دارفور والحكومة، فكبر والٍ لشمال دارفور المعقل الرئيسي لحركة مناوي، وهو اكثر والٍ بقي اطول فترة في الولاية المضطربة قبل السلام وبعده، عند وصول مناوي للخرطوم وبعد ان ادى القَسَم امام رئيس الجمهورية كبيراً للمساعدين ورئيساً للسلطة الانتقالية لولايات دارفور الثلاث، نشأت العلاقة بين الرجلين في الاطار الرسمي واستمرت وفق المهام الرسمية لكل طَرَفٍ، ولم تخلو من اجتماعات ولقاءات واستقبالات بروتوكولية، وإن كان ينقصها الود والاستلطاف الشخصي. ووفق مُراقبين، فإنّ شخصية كل طرف واعتداده بنفسه لعبت دوراً في توصيف العلاقة، اذ يشير البعض الى ان ما يصفونه بتجاوز والي شمال دارفور لمناوي واستخدامه لنفوذه في المؤتمر الوطني، الى جانب غياب التنسيق المفروض بين السلطة الانتقالية والولاية والتدخل في الاختصاصات زاد من توتر العلاقة، وحسب مصادر قريبة فإنّ كبر لم يكن يشاور مناوي في كَثيرٍ من أمور الولاية في اطار العلاقة التنسيقية بين السلطة الانتقالية وولاية شمال دارفور. لكن أخطر ما في الموقف الجديد الآن بين الإثنين هو التّوقيت الحرج ووضعية كل طرف، فكبر الوالي الذي جاء هذه المرة مُنتخباً ربما دفعه ذلك الى الرد على سؤال حول مصير السلطة الانتقالية، وينتظرمناوي أن يقرر المؤتمر الوطني مصير اتفاقية ابوجا ككل والسلطة الانتقالية بصفة خاصة. ولكن النقطة الأهم هي أنّ مناوي أكّد أنّه وِفْقَ الاتفاقية نفسها، فإنّ الولاة الثلاثة المنتخبون هم الذين يختارون رئيس السلطة الانتقالية. ومناوي الذي اضطرللرد وتوضيح الموقف، عاد وقال إنه لا علاقة لكبر بالسلطة الانتقالية وهي شأن قومي من اختصاص الحكومة الاتحادية على الاقل حتى الآن، واشار الى ان والي شمال دارفور قال هذا الامر لشئٍ في نفسه يخصه وحده. عبد اللّه آدم خاطر الكاتب الصحفي المعروف اعتبر مَظَاهر الاختلاف بين الرجلين طبيعية، وعزا الامر الى اختلاف مدرستي الإثنين في السياسة والنظرة للمستقبل، الى جانب الممارسة السياسية نفسها، وقال ل «الرأي العام»: كبر مُلتزم تجاه مدرسة هو ضمن مؤثريها ويريد أن يصل بها القمة في دارفور، بينما مناوي حمل السلاح في مواجهة هذه المدرسة، واضاف: رغم توقيع اتفاقية ابوجا بين الجانبين لكن يبدو أنّها كرّست فقط لهذه الخلافات، وتابع: «ارجو الا يكون ضحيتها المواطن في دارفور».!