اليوم تتجه الرؤوس والعيون إلى أم الديمقراطيّات (ويست منيستر) حيث الانتخابات البريطانيّة... كيف لا فربما فى هذا الاتجاه يكمن سر (المعايير الدوليّة) للانتخابات! المجلس النيابى البريطانى هو مجلس الأغلبيّة, مهما كانت هذه الاغلبيّة ولو تحت الأربعين... وبعض مقاعد مجلس اللوردات ليست بالإنتخاب فهى بالتعيين... وكل نائب فى مجلس العموم لا يُقسم على الولاء للملكة ليس له حق التصويت فى البرلمان... ومع ذلك فالديمقراطية البريطانيّة تقف متوازنة بالأعراف الدستوريّة, فالدستور فى بريطانيا أعراف وتقاليد! تحت هذه المظلة الديمقراطيّة يتبادل حزبا المحافظين والعمال الحكم والمعارضة لمدة خمسة وستين عاماً... العمال والمحافظون يتبادلون تاج السلطة التنفيذيّة تاركين التاج البروتوكولى للملكة اليزابيث الثانية! فى هذه الدورة يصعد نجم زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار الشاب نيك كليج الذى خرج من زاوية حرجة وذكيّة... فقد كشف بالحساب والإحصاء وبالمنطق والجدل كيف يسير حزبا المحافظين والعمال من حالة التشابه إلى حالة التطابق حيث لم تعد المسافة بينهما تقاس بغير السنتيمترات... لذلك أضفى النجم الصاعد حيويّةً على منافسةٍ كان ممكن أن تأتى وتمضى دون أن يحسها البريطانيّون! إذا أحرز حزب الديمقراطيّين الأحرار موقعا متقدما وبحيرة تصويتيّة فى إنتخابات اليوم فإنّه سيكون سبباً مباشراً فى اختراق قاعدة السياسة البريطانيّة... بأن تأتى حكومة أقليّة لا تصمد أمام تحديات بريطانيا فى الحرب والاقتصاد ومآلات تدفّق الهجرة إلى بريطانيا... أو تأتى بعد غيبة سياسيّة حكومة إئتلافية بين المحافظين والأحرار أو بين العمال والأحرار... لذلك فإنّ حزب الديمقراطيّين الأحرار فى هذه الإنتخابات يمثل رمّانة الميزان بين العمّال والمحافظين! وعلى العموم فإن مجلس العموم لن يفوز فيه المحافظون أو العمّال بأغلبيّة ميكانيكية تمكّن من الحكم الميسور أو المعارضة الميسورة... ولن يستطيع نيك كليج أن يكون هو رئيس الوزراء القادم... لكنْ يكفيه انّه سحب بساط داوننج استريت من تحت حزبين كبيرين توهّما أنّه بإمكانهما إحتكار الحكومة والمعارضة حتى وهما يتثاءبان... حتى تفاجآ بنيك كليج أنّه صار رمّانة الميزان, وربّما فى الإنتخابات القادمة يفاجئ بريطانيا والاتحاد الاوروبى واليورو بأنّه الميزان ذاته!!