ما لفت نظري أن خمسة كتب على الأقل في معرض الكتاب السوداني - المصري الذي أقيم في دار الشرطة ببري أخيراً، تتناول نهر النيل موضوعاً جوهرياً.. وأحسب ان التوقيت كان مجرد صدفة مع النزاع الدائر هذه الأيام حول مياه النيل بين دول المنبع السبع ودولتي المصب. «مياه النيل - الوعد والوعيد» تأليف الصادق المهدي صدر عن مركز الاهرام للترجمة والنشر في العام 2000م أي قبل نشوب أو بالأحرى تسخين النزاع بعقد كامل من الزمان. أما «أزمة المياه - محور الحروب المرتقبة» بقلم اللواء د. محمد أحمد فقد تولت نشره شركة مطابع العملة السودانية «النسخة الوحيدة التي صادفتها كانت للعرض فقط». «نهر النيل» عنوان د. محمد عوض محمد صدر عن الهيئة المصرية للكتاب أيضاً، في العام الماضي، أما المطبوعة الرابعة الدليل في موارد أعالي النيل، فقد نشرت قبل «100» عام وهو من إعداد الإنجليزي السير ويليام جاستن. «النيل الأزرق» للكاتب الاسترالي الشهير ألن مورهيد أثار ذكريات الستينيات من القرن الماضي عندما قرأته بالإنجليزية وتوأمه «النيل الأبيض» وقد تحصلت على كلا الكتابين من «مكتبة الخرطوم» التي كان يديرها الخواجة «بنيوتي». كان «النيل الأزرق» الذي كان معروضاً في دار الشرطة مترجماً للعربية على يد د. نظمي لوقا ولكني لم أعثر على «النيل الأبيض». لولا ضيق ذات اليد تمنيت إقتناء كتب كثيرة معروضة في دار الشرطة وأبرزها «رحلات بوركهارت - النمساوي» في بلاد النوبة والسودان ترجمة د. فؤاد أندراوس و«الفساد» تأليف «بيير لاكوما»، نهاية الليبرالية باراك أوباما وروح أمريكا، ولكنني اتوق أكثر الى قراءة كتاب باللغة الإنجليزية أعده عضو مجلس قيادة الثورة السابق محمد الأمين خليفة الذي نشط في أوائل أيام الإنقاذ في المحادثات التمهيدية مع الحركة الشعبية وهو بعنوان: (10 Years of Peace-making in Sudan - 1989 - 1999). حسب المشرفين على المعرض فإنه يشمل نحو مليوني عنوان، فيها حوالى «500» كتاب أعده «سودانيون» في مختلف ضروب المعرفة: فلسفة، وأدب، وفنون، وتاريخ، وسياسة، وروايات كلاسيكية، وحديثة.. إلخ» بأقلام عربية وبعضها مترجمة. «ألف ليلة وليلة» وهو من أشهر وأقدم المؤلفات في الأدب العربي اختفى من المعرض، وقال لي المشرفون إن النسخ ال«35» كلها نفدت،ويبدو أن الكتاب أثار فضول رواد المعرض لأن «ألف ليلة وليلة» أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الأدبية والسياسية في القاهرة في الاسابيع الماضية وما زال محوراً للنقاش. فقد طالب «بعض المشفقين على الآداب العامة» دور النشر بعدم إعادة إصدار هذه الحكايات التي تعود الى العصر العباسي بدعوى أنها تروج للرذيلة. ? كنت أتمنى أيضاً إقتناء بعض دواوين أشعار أحمد فؤاد نجم ولكنني لم أصادف في المعرض أي إنتاج للشاعر الشعبي ربما لأنه كان دائم الإنتقاد للنظام المصري بطريقته الساخرة التي أحبها المصريون كثيراً. الفضل لزيارتي المعرض يعود الى عازة صغرى بناتي التي ظلت تحثني منذ افتتاحه التوجه الى دار الشرطة القريبة، فحصلنا المعرض يوم الاربعاء قبل إغلاقه بيوم واحد، قضينا زهاء الساعتين وكدنا نطلع من المولد بدون حمص -رغم تدني الأسعار نسبياً- غادرنا دار الشرطة وبحوزة عازة «سيمون بوليفار الجنرال في المتاهة» تأليف غابريال قارسيا ماركيز» ترجمة محمد عبدالمنعم جلال. أما العبد لله فقد كان نصيبي (كتاب السعلوكي في بلاد الأمريكي) لمحمود السعدني الذي توفى قبل اسبوعين. صدق أو لا تصدق دفعنا مقابل الكتابين عشرة جنيهات فقط لا أكثر ولا غير - طبعاً جنيهات سودانية.