بعد حالة من الشد والجذب سادت العلاقة بين الخرطوموالأممالمتحدة، أسدل أمس الاول الستار على التفاصيل الخاصة بالعملية المشتركة «يونيميد» من خلال الإتفاقية الخاصة بوضع القوات الهجين وسط إهتمام محلي ودولي. إتفاقية «وضع القوات الهجين» التي نشرت تفاصيلها، حملت بين طياتها كثيراً من الصلاحيات التي ستتمتع بها البعثة المشتركة، وكان موضوع التفويض بحماية النازحين، ونزع سلاح المليشيات بدارفور، من اكثر المواضيع تعقيداً في طرق تنفيذهما من حيث الإمكانيات المتطلبة لذلك، ومن حيث صعوبة التنفيذ من واقع عدد حاملي السلاح المتوجب نزعه، والذي يتوزع بين المدنيين والمليشيات وتتسم عمليات نزعه بتعقيدات كثر، ولكنه يشكل عنصراً مهماً في عمليات الأممالمتحدة التي تقوم في معظمها على حماية المدنيين، وهي حماية بالضرورة يتبعها بحسب مختصين في «فض النزاعات» عملية نزع السلاح من الأطراف المتصارعة، التي يكون المدنيون بصورة متكررة الأهداف الرئيسية فيها او ضحاياها، ويعاني المدنيون جراء تلك الصراعات من مخاطر التعرض للإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والنزوح القسري والهجمات العشوائية التي ترتكب من الأطراف كافة، وينتج عنها، الإرهاب، والتجويع، والعنف الجنسي، واستخدام الأطفال كمقاتلين، وتشتيت العائلات، وهي الحالات التي ينطبق علىها القانون الدولي الإنساني التي تجعل حماية المدنيين من صميم جوهره، حيث يقر القانون الدولي الإنساني مبدأ «التمييز» في جميع الأوقات بين المقاتلين والمدنيين، وهو تميز تشارك فيه المنظمات الدولية خاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بموجب التفويض الممنوح لها في إتفاقية جنيف من قبل الدول الأطراف في حماية الضعفاء بصورة خاصة.وعلى غير المعهود في مثل هذه البعثات في بعض الأقطار، فقد حمل تفويض البعثة كما جاء في نص الوثيقة حماية «النازحين» في دارفور بدلاً عن كلمة «المدنيين»، وهو ما ترفضه الحكومة بحجة أنها الأقدر على حماية مواطنيها، ولكن البعض يرى انه لا فرق بين العبارتين. لأن مهام التفويض تشمل كل «مدنيي» الإقليم بحسب ما أشار إليه أدادا رئيس البعثة المشتركة عقب التوقيع بقوله: «بتوقيعنا على إتفاقية وضع القوات الهجين تكون يوناميد قد بدأت عملها بشرعية كاملة في دارفور، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام قتل المدنيين بدارفور». وقد حمل إتفاق وضع الهجين تفويضاً يقضي بنزع سلاح المليشيات، لتعزيز حماية النازحين دون ان يحدد التفويض تلك المليشيات وطريقة نزع سلاحها، حيث يكتظ المسرح الدارفوري بالفصائل المسلحة من حركات ومليشيات تصطرع فيما بينها من جهة، وبينها والحكومة من جهة اخرى، ما يجعل توصيفها في تفويض الهجين الخاص بنزع سلاحها أمراً معقداً، خاصة وان الأممالمتحدة تعتبر مليشيات الجنجويد «العربية» مليشيات ترتكب جرائم ضد الإنسانية بدارفور، و يؤدي مثل هذا التصنيف الى نوع جديد من الصراع في دارفور ربما يقود الى إنقسام المجتمع الدارفوري بشكل أكثر جدية ويزيد من تعقيد مهمة الهجين، في ظل إنتشار السلاح بصورة كبيرة بين المواطنين والمليشيات.