تحت القسم على كتاب الله العزيز سيشرع المسؤولون في لجنة الاختيار بولاية الخرطوم في اختيار ما يقارب خمسة آلاف خريج جامعي لمثلها من الوظائف بالولاية.. المسؤولون اقسموا ان يختاروا الخريج بمنتهى الموضوعية والعدالة وو.. المفردات الدالة على أن من سيتم ترشيحه للوظيفة انما ستأتي به كفاءته ومؤهلاته لا انتماؤه السياسي وعلاقاته الاجتماعية.. الحق ان توفير هذا العدد من الوظائف في حد ذاته امر يستحق ان يجد حظه من الشكر للحكومة المركزية ولحكومة الولاية، قبل ان يبحث الناس كثيرا فيمن سيشغل هذه الوظائف (الالفية) . قطاع واسع وعريض من المواطنين شعروا -ربما لأول مرة- ان الوظائف ستذهب لمن يستحقها، ويبدو من واقع هذا الشعورأن من يفقد فرصته في الوظيفة سيجد سلواه في المقولة الشعبية الرائجة(القسمة والنصيب)، ولن يمتليء قلبه غيظا وحقدا على الحكومة ولا المسؤولين، ولن يلعن الواسطة، لأنه سيفكر ببساطة انها لا دور لها في اخفاقه. كل هذا الشعور بالرضا كان بسبب القسم الغليظ الذي أخذه الأعضاء على أنفسهم، ومن واقع ذات الشعور أو من باب الحقيقة يتداول بعض الناس في مجالسهم ان والي الخرطوم د.عبدالرحمن الخضر منع إحدى كريماته من التقديم لوظائف الخريجين بولايته حتى يقفل الباب أمام الهمس والجهر بأنها - اذا تم اختيارها- انما جاءت للوظيفة عبر نفوذ والدها وموقعه الدستوري لا عن طريق كسبها ومؤهلها الاكاديمي، ويضيف البعض طرفاً أخرى الى هذه الرواية منها ان المنع يسري على بنت الوالي في اي موقع وظيفي بالخرطوم. الحكاية عن كريمة الوالي لا تحتاج إلى البحث في اسانيدها و لبيان صحتها من سقمها فهي لا تساق لذاتها وإنما لتعضيد الاتجاه الذي برز وسط الحكومة للانعطاف بصورة كبيرة نحو عامة الناس، لأن شعور المواطنين كلهم بأنهم يخوضون منافسة متساوية للحصول على كل شيء داخل الدولة ابتداء من الوظيفة وانتهاء بالخدمات يغذي انتماءهم للوطن بصورة لا تقارن اذا كان المعيار في الحصول على ما سبق هو ضرب من ضروب العمل التنظيمي الضيق والانتماءات الصغيرة. الحسنات التي حققها ذلك القسم الغليظ، لا تمنع من استعمال منهجية برنامج الاتجاه المعاكس في التساؤل عن مغزى استخدام القسم هذه المرة وعدم استخدامه في كل حالات التوظيف التي سبقته؟!. أم أن الموضوع الراهن حالة خاصة استدعى ان يقسم المسؤولون اليمين على أن اداءهم فيها سيكون عادلا؟!.. وهل ستلجأ لجنة الاختيار الى اداء القسم ابتداء من عملية الاختيار للوظائف الحالية وحتى ما بعدها من الحالات؟!، أليس من الممكن بل من الافضل ان يقسم مسؤولو لجنة الاختيار مرة واحدة عند تقلدهم للوظيفة لأول وهلة ليمارسوا عملهم فيما بعد على ضوء هذا القسم الغليظ؟!.