ل (اللوم والتلاوم) مدارس وأساليب مختلفة، واللوم مرغوب فيه إذا لم يزد عن حد العتاب وكان نتاج للعشم والمحبة من منطلق الرجاء والرغبة في التواصل مع الآخر والمثل بيقول (الما دارك.. ما لامك) ولكن المبالغة فيه تقلب المعايير إلى الضد فنجد بالمقابل أن (كثرة اللوم جفا) بل هو مدعاة للكراهية والنفور أحيانا. واللوم خشم بيوت ممكن يكون بين الخلان والأصحاب أو بين الأهل والجيران ولكن لوم الحبان نظامو (براهو) ولعل مصطفى سيد أحمد قد أوجز وأعجز عندما تغنى : يا حلو السكوت مرات كلام .. وعدم الملام هو كمان ملام ولقيت ملامي علي عينيك ياسيدي زي الما ملام اشتهرت بعض القبائل عندنا باللوم أكثر من غيرها فقد أخبرتني منى بت عمتي عن قبيلتنا الركابية فقالت: نحنا الركابيه غتيتين.. والركابي كان زعلان من زول بشيل الليل مساهر.. راقد علي قفاو وخالف كراعو.. يطقطق فيها.. منتظر ليمتيين يا الله الواطة تصبح عشان يمشي للمغبون منو ويفهمو حاجة ! حكت لي عن قصتها مع إحدى الجارات والتي لم تلحق بها عندما توفيت أمها (عمتي) وحتى بعد أن رجعت من العزاء لم تحضر وتعتذر عن التقصير يعني (عملت فيها مجنونة) عشان توهمها بأنها جات مع النسوان للعزاء.. ودارت الأيام وماتت أم تلك الجارة ولكن ما أن أخبرت نسوة الحي منى بذلك لتستعد معهم للحاق ببيت البكاء حتى قالت في تشفي: بركة الأمها ماتت.. عشان ما أمشي أعزيها.. خلوها التضوقا حارة كيفن!! أما عن اللوم عند الرباطاب فحدث ولا حرج فقد كانت لنا جارة رباطابية تدعى حاجة نفيسة كان لها الفضل في تعليمنا معنى الإرهاب اللومي يعني لو عترت في المسطبة وهي داخلة المطبخ وما جينا كفرنا ليها العترة، بيبقى يومنا أبيض زي اللبن! توفى زوج الحاجة نفيسة وبعد عدة أشهر من الوفاة التقت بجارة لنا كانت قد رحلت من الحي ولم تكن تعرف عن خبر وفاة الزوج، لامتها بشدة لعدم حضورها للعزاء دون أن تستمع حتى لإعتذار الجارة بعدم المعرفة، ورغم شدة اللوم فقد تأثرت الجارة لخبر الوفاة واستفسرت من حاجة نفيسة عن إذا ما قاموا بدفنه في الخرطوم أم سافروا بالجثمان لدفنه في البلد فسألت في تأثر: أها ودفنتوهو هنا .. فقاطعتها حاجة نفيسة في غضب: لا.. رميناهوا في الكوشة !! ليس من الحكمة أن تسكت عند تعرضك للوم فللخروج من مأزق التقصير يجب أن تجتهد في رص وتدبيج الإعتذار والأعذار ولو كان بافتعالها فسكوتك قد يعني استغنائك عن اللايم وعدم اهتمامك به ولو (طق راسو في الحيطة ) ولكن أحيانا عندما يحصرك التقصير في خانة ضيقة فقد لا يكون في إمكانك فعل شئ أكثر من إدارة وجهك لتلقي صفعات اللوم القاسية في صبر. كان من أطرف ما سمعت مؤخرا عن اللوم والتلاوم عندما التقت جارتين لنا فلامت إحداهما الأخرى قائلة: يعني يا ليلى بتسوي لي كدا ليه؟ .. بناتي الإتنين يلدن ويقومن ما تجي تتحمدلي السلامة ليهن.. أنا قصرتا ليك في شنو ما مناسباتك كلها حاضراها أنا وبناتي للآخر !! عجزت ليلى عن الرد خجلا وقالت في تسليم : عاد أقول ليك شنو .. ما عندي عذر.. بس كفّتِي سآآآآي