المترتبات الاقتصادية لمرحلة ما بعد الاستفتاء حول تقريرمصير الجنوب هنالك محاذير تم النظر فيها بين الشريكين بعضها توصلا فيه لاتفاق وبعضها مازال عالقاً، كما ان المترتبات الاقتصادية تشمل كلاً من الديون الخارجية ومن يتحملها بعد الانفصال إذا حدث ؟ بجانب الموارد المشتركة كالبترول وخطوط نقله ومياه النيل، ووضعية (أبيي) بعد الاستفتاء الخاص بها، وبترولها بعد تحكيم لاهاي الأخير، اضافة الى الموارد المشتركة بين الجنوب والشمال. هذه القضايا وغيرها حاولنا تناولها من خلال منتدى (الرأي العام) بعنوان (المترتبات الاقتصادية للانفصال) حيث تناول موضوع النقاش عدد من الخبراء والمختصين الذين اوضحوا المخاطر الاقتصادية للانفصال والبدائل وفرص المواجهة وكيف ان النفط كان عاملاً حاسماً في تحقيق السلام وكيف يمكن استخدامه في تحقيق الوحدة أو الانفصال.. معاً نقف على ما دار من نقاش. ...... المأساة القادمة فى الحلقتين الاولى والثانية من الندوة تناولنا وضعية البترول ودوره فى الوحدة والانفصال بعد أن كان عاملاً رئيسياً فى تحقيق السلام وطى ملف حرب الجنوب التى دامت نحو (20) عاماً الى جانب فرص استخراج بترول الشمال ودوره فى سد احتياجات الاستهلاك المتزايدة من النفط ،والدور الصينى فى قضية وحدة السودان ،وهل ستتجه الصين جنوباً؟ وتأثير التقارب الصينى الجنوبى على مصالح الشمال وما دور الشركات المنتجة للنفط فى تحقيق الوحدة؟.. وفى هذه الحلقة سنواصل الحديث عن بقية محاور الندوة ونطرح البدائل لمواجهة التداعيات الاقتصادية للانفصال ورؤية الخبراء لهذه البدائل الى جانب المداخلات والتعقيبات . ويقول علي مختار عبد الله - الكاتب الاقتصادي- أن العالم للأسف متجه نحو الانغلاق، حتى أوروبا لم تعد جاذبة والألمان يريدون الانعتاق من الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة اليونانية، والخليج في حالة تراجع وفي ظل تلك الاوضاع العالمية من المنطقى أن ينفصل الجنوب مثله والآخرين. واضاف : ولكن البترول للأسف شل أفكار السودانيين، وتسأل إن لم يكن هناك بترول هل سينفصل الجنوب؟ وهل وجوده يجعلنا نسعى نحو الجنوب؟ مبيناً أن المأساة أن البترول في السنوات العشر الأخيرة غيّر من (طبائع الاستهلاك في الشمال)، الشعب أصبح مترفاً دون احساس منه، والشباب يحملون آخر موديلات الجوال، والعربات المتجولة في الخرطوم من احسن المستويات ولا تشبه نظيراتها في عواصم الجوار، أنماط الاستهلاك ازدادت حيث أصبح الناس يأكلون الخبز بكميات مخيفة على الرغم من أن الدقيق وكل شي آخر يأتي من الخارج والهزة ستكون هنا، إذا إنفصل الجنوب سنرجع عشرين عاماً للوراء، من غير إعداد الناس، والكلام الذي يقوله بروفيسورعلي عن تغييرالمفاهيم لم يحدث فيه تغيير والباب لا يزال مفتوحاً على مصراعيه للعمالة الوافدة. ونوه علي مختار الى أن هناك مأساة قادمة تجاهنا، ويجب ألا نخدع الناس فإن إنفصل الجنوب وتأثرالوضع الاقتصادي سيتبع ذلك تأثيرات سياسية وسيحصل تراجع، الآن دعاة الانفصال في الشمال يعتقدون انهم زعماء، ولكن حال حدوث ذلك سيقذفون بالحجارة،ولذلك يجب ألا نخدع الناس، هنالك إشكالات قادمة، وإذا حدث الانفصال هناك فواتيرسيتم تسديدها( اقتصادية وسياسية) وغيرها، ولا بد أن يؤدي الاعلام دوره في إبلاغ الناس بسيناريوهات المستقبل، كما مطلوب كذلك من الدولة إجلاء العمالة الوافدة (المالية البلد) لتوفيرفرص العمل للسودانيين،هناك موضوع آخرلا يقل أهمية تعداد سكان الجنوب (5) ملايين، والشمال (35) وهناك مساحات كبيرة في الشطرين خالية وهذه مزية كبرى ومن الممكن أن تخلق فرصاً للعمل. وأضاف : أعتقد بأن الشمال يحوي موارد كثيرة جداً، نحن متميزون في مجال الغلال بالرغم من أن هناك تراجعاً في الانتاجية بعكس الجنوب الذي لا توجد لديه مساحات إنتاجية ضخمة وذات الحال ينطبق على إثيوبيا، كما يجب ان نشير الى ان شمس البترول غربت في العالم، في أبوظبي قاموا بتطوير (مصدر) وهي معنية بتطوير الطاقة الشمسية والنووية، كما ان بترول البحرين نضب، وقلت كمياته في سلطنة عمان وهي حقيقة من المهم إيصالها للشمال والجنوب وطالما أن البترول عالمياً في تراجع ليس هناك مدعاة للخوف، ولكن المخاوف ان تقفز أسعاره بصورة جنونية عندها سيتميز الجنوب ما يفتح الفرص لجذب المستثمرين، واشار علي الى ان العالم يبحث عن البدائل كالطاقة الشمسية، وهي مجال تميز للشمال، ومن المهم جدا تطوير البشر والرهان عليهم هناك دول في العالم لا تمتلك أي موارد ولكنها الآن في مصاف الدول الكبرى بسبب كادرها البشري (الشغيلة)،ولكن في الوضع الراهن فإن السكان عبارة عن مستهلكين. خارطة طريق بعد هذه المخاوف المشروعة انتقل الحديث الى البحث عن خارطة طريق لما يمكن أن يحدث خلال الأشهر الستة القادمة سواء بتعزيز خيارالوحدة أو التكيف مع الانفصال ،وفى هذا الصدد يقول البروفيسور علي عبد الله الخبير الاقتصادى المعروف أن تحدث الوحدة بالتراضى ، ليس خوفا على نفسي وشمال السودان، بل خوفاً على بقية أفريقيا من شأن الانفصال أن يدخلنا جميعاً في مشاكل حقيقية. وأضاف : أخوانا الجنوبيون عاطفيون جداً، وعندما تحل بهم الكوارث يلجأون للشمال، ويجدون فيه السلام ،ولذلك أعتقد ان المجهودات تتطلب رغم ضيق الوقت بأن نعمل شيئا ونوضح ان الوحدة تصب في صالح الجميع. التكيف مع الانفصال وحول كيفية التأقلم والتكيف مع الانفصال حال حدثه يقول البروفيسور علي عبد الله: حتى وإذا حدث الانفصال فإن المسائل لا تتبدل بصورة فورية، يمكن أن تحدث المشكلات في أوقات لاحقة، ومن المهم أن يفكر الناس في إيجاد البدائل ويستعدوا نفسياً للتغيير الجذري ولكنني أشدد أن الانفصال سيكون مسؤولية تاريخية للحاكمين. وحول سؤالنا بأنه يجب أن نكون واقعيين ونشرع من الآن في وضع السيناريو سواء حدث الانفصال أو استمرت الوحدة وما البدائل لهذا التكيف؟ يقول أستاذ السر سيد احمدالخبير فى مجال النفط : ان كل الطفرة الاقتصادية في البلاد نتاج نصف مليون برميل من النفط، والاحتياطات كما قلنا (5) مليارات برميل بما يعادل إحتياطات حقل سعودي واحد هو (شيبة). واضاف : الأمر الملاحظ أن البترول أسهم في إنخفاض معدلات النمو الزراعي لنسبة بلغت ال (3%) فقط، بينما كانت قبل إستخراجه في التسعينيات (10%) ،الشيء الذي يبعث البشرى الآن هو الأحاديث السياسية بشأن تنفيذ برنامج للنهضة الزراعية وقيام بعض الهيئات الخاصة بها، ويبقى من المهم وخلال الفترة التي تسبق الاستفتاء والتي تليه (بغض النظرعن نتيجته) لابد من تنويع القاعدة الاقتصادية وعلى رأسها الزراعة والثروة الحيوانية وذلك يتطلب إرادة سياسية ومجتمعية كما أن السودان دخل فى انتاج الايثانول، وهو إضافة حقيقية للإيرادات،وبهذا المنتج تمكن السودان من دخول السوق الاوروبي المغلق أمامه ما يعد إختراقاً سياسياً وإعلامياً مهماً، عدا الاستخدامات الداخلية ومنطقة النيل الابيض في طريقها لأن تصبح أكبر مزرعة سكر في العالم ما يسهم في إستغلال المهدر من حصة البلاد في المياه.