الغلاء يكتسح السلع والأسواق ولا يتضجر الناس.. يبدو ان السبب تثميناً للغلاء حسب الأمثال: الغالي بي غلاتو يضوقك حلاتو.. والأغاني تشبه المحبوب بالغالي.. يا غالي علي يا نور عيني.. والخوف يا غالي تسرح طوالي.. قاصدني ما مخليني راخصني ما مغليني.. كلما تزيد حنان انت تزيد غلاوة.. اكتب لي يا غالي الحروف.. والشاعر الشعبي شبه محبوبته بالتمر الغالي: الغالي تمر السوق كان قسمو ما بحوق.. والمرأة تهدهد وليدها فتغني النوم النوم ولدى الغالي.. النوم النوم يستر حالي.. لذلك تواءمنا مع الغلاء فتوالفنا معه.. لذلك لم يعد يهمنا ان تغلى الأشياء.. والعاجبو عاجبو.. والما عاجبو يشرب من البحر.. وحكاية يشرب من البحر هذه تسببت في ايقافي من الاعداد الاذاعي لمدة سنة.. ذلك انه في أيام الانقاذ الأولى كنت أعد برنامج صباح الخير يا وطني.. وكانت المياه تأتي عبر المواسير معكرة عكورة بائنة.. فكتبت ان ناس الموية.. ولأن الحال ما عاجبنا وحتى لا نمشى نشرب من البحر.. جابوا لينا البحر في البيت.. والما عاجبو يفتح الماسورة..! حقيقة لم يصدر أمر مباشر بايقافي فقط جاء وزير مجلس الوزراء وكان الطيب ابراهيم محمد خير وأصدر توضيحاً بأن المياه وان كانت عكرة فهي ليست ضارة بالصحة.. وهاجم يونس محمود عبر برنامجه الصباحي الشهير الذين يتضجرون من المياه العكرة بينما الجنود في الجنوب لا يجدون ما يشربونه.. الى آخر تحميل الحكاية.. في النهاية لم يكن أحد قد أوقفني سوى الرقيب الداخلي للمسؤولين.. الى ان جاءت الشجاعة «ليلى المغربي» وتعاونت معي وتحملت المسؤولية فسلكت.. لذلك كنت اقول ليلى المغربي أرجل زول في الاذاعة آنذاك عليها الرحمة فكم كانت لماحة وشجاعة وبعيدة النظر.. ما علينا.. ألاحظ ان الغلاء اكتسح السوق ولأن معظم الرجال تركوا عادة التسوق للنساء فهم لا يعرفون ان اللحم زاد.. والسكر زاد.. والطماطم زاد.. لكن النساء يعرفن ذلك ولما يطلبن زيادة المصروف يحتج الرجال على اسراف النساء.. وكلو كوم وحكاية زيادة الطماطم كوم.. فكيلو الطماطم ارتفع الى اكثر من عشرين جنيهاً ما تعرف فوق كم.. يعني الطماطم اغلى من التفاح اذ دستة التفاح بعشرة جنيهات وهي تساوي كيلو ونصف الكيلو.. وأغلى من القريب فروت، فالدستة بعشرين جنيهاً.. وهي تعادل اربعة كيلو طماطم وقس على ذلك.. وشىء طبيعي ان يزيد الطماطم لأنه في المواسم السابقة وصل سعره الى مجان تقريباً حتى ان احد المسؤولين ضرب مثلاً بالبوار بالطماطم بالعصر والمزارع لم يجد من يدعمه فأقلع عن زراعة الطماطم واذكركم بأن امريكا الامبريالية تدعم المزارع بأن تدفع له مائة في المائة من تكاليف الزراعة ،فيبيع بأرخص الأسعار ويربح. كذلك فرنسا الاستعمارية تدعم المزارع بأن تدفع له ثمانين في المائة من تكاليف الزراعة فبأي سعر باع محصوله فهو رابح.. نحن نرهق المزارع بالتكاليف والضرائب وزيادة الجازولين الى آخر ما يجعله يهرب من الزراعة ذاتها.. ولما كانت وجبة الطماطم بالدكوة من الوجبات الشعبية فقد اصبحت وجبة للأثرياء.. ولا أدرى ما هو بديل الطماطم مع الدكوة.. لكن هنالك بديلاً الى حين يرخص الطماطم فيمكن للعاشق ان ينادى محبوبته «طماطماية» فتفرح..!