عقب نهائيات كأس العالم 2006م بألمانيا وبعد خروج البرازيل وإنجلترا من الدور ربع النهائي ووصول إيطاليا وفرنسا للنهائي، قلت إن كرة القدم لم تعد تنحاز لأصحاب المهارات العالية ونجوم اللعب الجميل ولكنها مع اللعب الجاد والعطاء. وكررت نفس الحديث عقب خروج ريال مدريد من ربع نهائي دوري ابطال اوروبا وتفوق انترميلان على برشلونة رغم الفارق الكبير بينهما في طريقة اللعب وعدد اللاعبين أصحاب المهارات العالية بعد ان توّج الانتر باللقب وقدّم درساً لبرشلونة في مباراة النهائي التي تاه فيها ميسي وزملاؤه! وتوقعت في مونديال جنوب أفريقيا ان يسقط الكبار، وراهنت العديد من الزملاء على خروح البرازيل والارجنتين، بل توقّعت في هذه المساحة أمس تأهل ايطاليا على حساب الارجنتين وان لم اكن اتوقع ان تصل الهزيمة الى هذا الحد الكبير، التي لم يتوقعها اكثر المتشائمين، ولكنه الفرق بين منتخب يعتمد على مهارات لاعبيه ومنتخب يعرف كيف يُوظِّف قدراته البدنية في التفوق على خصمه. هو درس جديد تقدمه كرة القدم فى أن الانتصار يأتى بقدر العطاء في الملعب، وان النجومية بقدر الجهد المبذول داخل الملعب، وقد أثبت الالمان انهم بالفعل ماكينات بشرية وهم يركضون في الملعب ويرفضون سيطرتهم ويستحوذون على كل الكرات المشتركة، فلم يشعر احد بوجود المنتخب الارجنتيني، وكأن لاعبيه قد تبدّلوا حتى «ميسى» اختفى تماما واصبح حاله مثل حال خصمه في الدوري الاسباني كريستيانو رونالدو في مباراة البرتغال واسبانيا..! قلت امس احب «ميسى» ولكنني اتمناها ألمانية ووعدت بكشف السبب ان الكرة السودانية ارتبطت بالالمان الذين اسْهموا في تطويرها من خلال تقديم أعظم المدربين الذين وضعوا بصمات على كرتنا، ونذكر منهم على سبيل المثال سيزر، وإتاحة فرص معسكرات للمنتخب الوطني وكان ذلك في السبعينَات والثمانينات وهي في شكل بروتوكول دون ان تدفع الحكومة أي مبالغ، بل كان التلفزيون يعتمد على النظام الالماني ويعرض يوم الجمعة مباريات الدوري الالماني وألعاب (تلي ماتش)! وأحببنا ألمانيا بالمدربين رودر الذي قاد المريخ للفوز ببطولة كأس الكؤوس الأفريقية كأول وآخر لقب قاري للسودان ومواطنه هورست الذي نجح مع المريخ والمنتخب الوطني وقادنا للانتصار على منتخب الجزائر، بجانب أن منتخب ألمانيا يضم في صفوفه اربعة لاعبين مسلمين! وشخصياً أحببت ألمانيا لانني عشت فيها أجمل مونديال، وأجمعنا على أنه أفضل مونديال بعد أن وَفّرَت للصحفيين وكل رجال الإعلام المشاركين في التغطية أفضل تسهيلات في تاريخ كأس العالم، حيث كان التنقل بين كل المدن الألمانية حتى نهاية كل حدودها مع الدول المجاورة وحتى المدن التي لا توجد بها مجموعات مجاناً بالقطار الذي يربط كل ألمانيا وفي الدرجة الاولى التي لا تقل عن غرفة خمسة نجوم بجانب الترحيل في الميترو داخل المدن وتزويد المراكز الصحفية بهواتف وفاكس مجاني مع توفير كل المشروبات! ولهذا سعدت أمس لتأهل ألمانيا وأتمنى أن يحققوا اللقب الذي كان قريباً منهم البطولة السابقة! غانا البطل الحقيقي أثبت نجوم غانا أنّهم بالفعل كبار وهم يتفوقون أداءً على أوروغواي وكانوا الأقرب والأحق ببطاقة الصعود الى نصف النهائي، ولكن للأسف عاندهم الحظ بدايةً بركلة الجزاء في الزمن القاتل التي أضاعها جيان اسامواه وقبلها أكثر من فرصة! قدم فرسان غانا ما شرف الكرة الافريقية ورفع رأسها وأكدوا أن الأفارقة قادمون وأن خارطة الكرة العالمية في طريقها للتغيير في القريب العاجل بعد أن سيطروا على بطولتي الناشئين والشباب! غانا البطل الحقيقي لمونديال أفريقيا