منذ تطبيق الحكومة لسياسة التحرير الاقتصادي في العام 1992م وبالتالي كان عليها ان تتجه نحو الانضمام لمنظمة التجارة العالمية ال (WTO) التي تعد منظمة لتحرير التجارة على مستوى عالمي. وبدأ السودان خطوات فعلية للانضمام لهذه المنظمة بانشاء إدارة متخصصة تتبع لوزارة التجارة الخارجية، لكن سرعان ما صدر قرار آخر لتكوين مفوضية معنية بشؤون الانضمام لمنظمة التجارة العالمية ودخلت في مفاوضات مباشرة مع بعض الدول أو ما يعرف بالاتفاقية الثنائية وتم فيها التوصل لتفاهمات واتفاقات ثنائية وبعدها بدأ مسار آخر للتحرير الشامل للتجارة عبر دفع تقرير شامل عن وضع الاقتصاد وغيره من القطاعات قدمها الوزير السابق للتجارة جيمس كوك لسكرتارية المنظمة في بداية العام الجاري 2010م بعد ان آل الملف لوزارة التجارة مرة أخرى بعد ان تم حل المفوضية وبدأ جيمس كوك في تحريك الملف ومواصلة المفاوضات الثنائية بغية اكتمال خطوات الانضمام، لكن تفاجأ الكثيرون بأنه تم تحويل الملف من وزارة التجارة الخارجية لوزارة التعاون الدولي خلال شهر، الأمر الذي أثار جملة من الاسئلة حول مصير عضوية السودان لهذه المنظمة، هل توجد عقبات حقيقية داخلية أو خارجية أمام الانضمام؟ وهل ايلولة هذا الملف لوزارة التعاون الدولي سيسهم ايجاباً في تحريك المفاوضات؟ وهل هناك غياب لخطة واضحة للتفاوض في السودان؟ وهل العقبات التي تواجه اكتمال عضوية السودان في المنظمة سياسية أم تتعلق بجوانب أخرى؟ للاجابة على هذه الاسئلة يرى أحمد مالك - مدير الإدارة العامة للتخطيط بوزارة التعاون الدولي - ان ايلولة ملف الانضمام لوزارة التعاون الدولي وضع في مكانه الصحيح باعتبار أن التعاون الدولي هو المسؤول عن العمل الخارجي والتجارة هي واحدة من ركائزه الأساسية، مشيراً الى ان نصف التعاون الدولي هو تجارة.وقال مالك إن الوزارة تعمل مع المعنيين بشأن التفاوض في الفترة الماضية في مجال التعاون الثنائي.واضاف مالك في حديثه ل (الرأي العام) إن الحديث الذي اطلقته بعض الجهات برفض الوزارة لهذا الملف لا اساس له من الصحة بالاضافة الى ان هذا القرار سيادي وحدد بعد دراسة متأنية من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء. وكشف مالك عن بدء وضع خطة واضحة بالوزارة بغرض الاستعداد للوضع الجديد بعد ان اصبح التعاون الدولي كياناً مهماً في التفاوض ويسعى لتطوير وتحديث موقف الانضمام، مبيناً أن هناك إدارة للجان وزارية ل (46) دولة. وأشار إلى بدء التحضير لاجتماعات مجموعات العمل ووضع دراسات للأثر الناتج عن الانضمام والخطة القانونية لملف الانضمام التي تركز على وضع استثناءات للدول الأقل نمواً التي لها برامج وانشطة في الإطار المتكامل وتطوير الهيكل الوظيفي. وذكر مالك ان هناك خطة اعلامية تهدف لرفع الوعي العام ببرامج الانضمام مع استصحاب العمل الذي تم في الفترة الماضية، ووصف العمل الذي تم في هذا الملف في الفترة الماضية غير كافٍ لاسباب عزاها للتحولات التي حدثت في الملف. لكن مصدراً بوزارة التجارة الخارجية أكد أن هناك خطأ في ايلولة هذا الملف للتعاون الدولي باعتبار أن وزارة التجارة الخارجية هي التي بدأت المفاوضات ولها الخبرة في مواصلة المفاوضات في الصعيدين الثنائي أو فريق العمل الجماعي. وأكد المصدر ل (الرأي العام) ان الوزارة ستستأنف هذا القرار لارجاعه في الفترة المقبلة باعتباره سيسهم في تسريع الخطوات.وفي ذات السياق قال د. محمد أحمد دنقل - الخبير في شؤون ملف الانضمام لمنظمة التجارة العالمية - إن قرار تبعية ملف التجارة الدولية للتعاون الدولي بالتنسيق مع التجارة سيسهم في تطوير المفاوضات للانضمام.وأوضح دنقل ان السودان قطع شوطاً كبيراً في هذا الملف خاصة في الاتفاقيات والمباحثات الثنائية مع بعض الدول والتي وقعنا معها اتفاقيات وتواصل العمل مع اخرى للاتفاق الثنائي. وأضاف دنقل ل (الرأي العام) ان السودان اكمل عدداً من الدراسات وعدل بعض القوانين وتطوير مجال السلع والخدمات وتغييرات اخرى في الفترة من 2006 - 2009م في مجال الجمارك والاتصالات والمصارف ومعظم القطاعات الأخرى والتي تم رفعها لسكرتارية المفوضية.وعزا دنقل تأخير بداية الاجتماعات العليا للوفد المفاوض بالسودان في الفترة الماضية للانشغال بالانتخابات وغيرها من المسائل الداخلية. وكشف عن مشروعات تنفذها حالياً الجهات ذات الصلة بالتفاوض مع اتحاد الأوروبي وإدارة المنظمات وغيرها لدراسة السلع السودانية وكيفية نفاذها للأسواق وتنفيذ القوانين الاساسية مثل مكافحة الاغراق وتنافسية السلع وتطوير التجارة والتنسيق للتفاعل مع القطاع الخاص بهدف تطوير التجارة. وفي ذات السياق قال د. قنديل إبراهيم - امين أمانة الاتفاقيات الدولية باتحاد اصحاب العمل - ان الانضمام للتجارة الدولية هي خطوة مهمة في المرحلة المقبلة لانها أصبحت هي المسؤولة عن سير التجارة في العالم وتفادي انعزال السودان في المنظومة الدولية. وذكر قنديل ان السودان قطع شوطاً يزيد عن ال (75%) في التفاوض ووقع اتفاقيات ثنائية مع دول البرازيل والأردن والهند والصين مشيراً إلى طلب من اليابان للتفاوض الثنائي مع السودان. وقال قنديل ل (الرأي العام) ان التأخير في العضوية ليس من صالحنا.